أدب

لماذا أكتب …….

كتبت/ ساره جمال

كان – ولازال – معي ذلك الدفتر السمين ذو السلك المعدني دفتر اليوميات منذ كنت بالثالثة عشر من عمري أدون فيه تلك المشاعر التي كانت تغمرني بعد أي حدث يبهجني أو يحزنني … دونت به رغباتي وتساؤلاتي وقوائم كثيرة بعناوين طفولية وعناوين نضجت عاماً بعد عام. احتفظت بغلاف الحلوى المفضلة لدي وذكرى ارتبطت به بداخله، والكثير الكثير من الورود المجففة كذلك.. دونت مشاعري – الطفولي منها والمراهق- بكل مكنونها!.

كتبت عن أحلامي البعيدة، عن مشاكلي العويصة مع الرياضيات والمواد العلمية ككل، حبي للقصص والروايات وأفلام الأبيض والأسود و رفاقي في المدرسة، عن الزمالك وكيف بدأت قصة عشقي له .. كتبت عن مواسم الفرح في أسرتي ..عن أخي وأختي .. كفاح والداي المستمر في الحياة لتوفير حياة كريمة لنا .. فخرهما بنجاحي .. عن الاختيارات الحتمية والنصيب الذي يُصيب .. عن العمل بين الشغف والإنجاز .. عن كل شيء كتبت!.

لماذا أكتب؟ .. كثيرا ما يجول بخاطري هذا السؤال؛ ربما أكتب لأعيش .. لأحيا كما أردت أو تخيلت .. لأداعب القمر .. أو أهجو الزهور .. أو أطير كالطيور وأجول العالم بحرية.

أكتب لأن مع الكتابة أدخل عالمي الخيالي الذي يشعرني بالراحة والسعادة؛ فالكتابة صوت الروح وسعادة القلب. أكتب لأن بعض الذكريات تذبل كزهرة فأنعشها بماء الكلمات .. أكتب لأسجل لحظات أتمنى أن تخلد ذكراها بداخلي للأبد؛ فطالما أعتقدت أن اللحظات والمشاعر الجميلة التي لاتنسى ينبغي أن يوجد إختراع لتجميدها؛ لذلك وجدت أن قلمي وأوراقي هي ذلك الإختراع الوحيد الذي بإمكانه القيام بذلك كمحاولة لإبقاء ما يمكن وصفه منها في سطور على ورق.

أكتب عن المشاعر الفارقة في حياتي – السعيد منها والحزين- لأنها تلخص أهم محطات مشاعري التي إما انتهت عندها علاقات أو بدأت منها علاقات .. مشاعر ولحظات أوصلتني لما أنا عليه الآن!.

أكتب لأهرب من صخب وفوضى العالم القبيح من حولي؛ فأوراقي هي ملاذي الآمن الذي لايسألني عن تبريرات وشرح لما أشعر به .. لاتلومني على مشاعري المفرطة تجاه الأشياء والأشخاص .. لا تسخر من أحلام اليوتوبيا الخاصة بي .. أكتب بحثا عن ذاتي .. أكتب ما أود قراءته وما أخشى غيابه؛ لذلك أوراقي هي المتنفس لنفسي وقلبي ومشاعري.

الكتابة بالنسبة لي محاولة عفوية للنضج وللفهم؛ فداخلي أشياءً كثيرة لم تتبدل، فالطفلة الصغيرة مازالت موجودة بين الصفحات والسطور أهرب إليها من عالم النضج والمسؤوليات لأجدها مازالت هناك بأحلامها البريئة التي لم يشوبها قبح هذا العالم .. لا زالت انطباعاتي الأولى حول الأماكن والأشياء على حالها .. لازالت أذرف دموعي عند الفرح والحزن والإنتصار والإنكسار .. شعوري الأول لا يتبدل أدرك الآن إنه حدسٌ يصيبني في كل مرة… ببساطة أدركت أن الكتابة كانت خلاصي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى