أدب

أبويا بريء – قصة قصيرة

كتب / محمود عمرون



فجعت القرية لموت الشيخ هاشم الأحمر، كبير عائلة…. قد صلى العشاء، وكان يمازح هذا ويلاطف هذا، لم يشك عرضا أو مرضا
في الفجر كانت زوجته و بناته يصرخن: مات الحج هاشم، أبونا مات
تجمع الناس، غير مصدقين امسكوا بالابن الأكبر، أبو المعاطي يستفسرون عن الخبر
– مات أبي
– لا حول ولا قوة إلا بالله، صلى معنا وكان في أحسن حال
– كل من عليها فإن
النسوة والصغار يبكون وبعض الرجال تأثرا على ذكرى الرجل الطيب
الأخت الكبرى، تسكن قرية مجاورة، استغرقت بعض الوقت لتحضر
كانت النسوة أصررن على حضور أهل المتوفي جميعا قبل دفنه
الأخت الكبرى عاتبت أمها: كيف يموت أبي، ولا ترسلون لي في قرية زوجها، وعندما وصلها الخبر قيل ان الرجل مات بعد العشاء وليس الفجر
امها صرخت فى وجهها، و ظلت تلعنها وتلعن زوجها!
النسوة تناقلن ما جرى بطريقة مختلفة، قلن ان الحاج هاشم مات بالوباء، وانه يجب ان يتم الدفن بطريقة صحية تضمن عدم انتقال العدوى
واشارت احداهن الى انها سمعت البنت الكبري تعاتب والدتها قائلة: حرام عليكي يا امي!
وفسرن فى اجتماعهن المغلق، ان البنت تريد الاعلان عن ظروف موت ابيها وامها لا ترغب في ذلك
فكرن فى مصيرهن، اذا ما انتقلت العدوى، قررن مواجهة الام، واعلان ولو بالقوة
الزوجة صدمت: زوجي مات ميتة طبيعية
لا يصدقن، كيف يموت رجل فى كامل صحته فجاءة!
تذكرن حديث دكتور الوحدة الصحية، كيف يفتك الفيروس بضحاياه فى ساعات
قالت احداهن انها رأت الحاج هاشم قبل العشاء، وكان حزينا و شاحبا
وافقن بالاجماع على اعلان الامر: الحج هاشم مات بالفيروس!
نزل الخبر كالصاعقة على الموجودين، الجميع خالطوا الميت او اهله فى هذه الساعات العصيبة
عندما وصل الخبر للعمدة، افزعه ان يهلك اهل القرية، اعتبرها مسبة تلحق باسمة الى يوم القيامة
«عمدة من غير ناس، مايسواش»
لابد ان تبقي الناس، لتبقى الهيبة والسطوة!
ابلغ مركز الشرطة، والمركز ابلغ المحافظة
سيارات العزل الطبي، وبعض قوات امن مركزى لعزل القرية وصلوا الى دار المتوفي، قاموا باستدعاء اهل بيته للتحقيق، وسؤالهم عن ظروف الوفاة
العمدة اطلق رجاله وسط الحاضرين، الذين عادوا بالخبر المؤلم
«مات الحج بالفيروس بالفعل، واهل بيته يخافون الفضيحة» سوف يكون اول من مات بالفيروس من القرية، سوف يقال ان رجال عيلة….. ضعفاء ماتوا بنزلة برد!
الغفراء استشهدوا بعدم حضور الابن الأصغر، وادعاء الأسرة أنه في الطريق
– نفتش البيت!
الغفراء قاموا بتنفيذ الأوامر، واقتحموا الحضور
: افسحوا الطريق
سألوا عن الابن الأصغر: أخرجوه لنا، حيا أو ميتا!
– يا كفره ، يا أولاد الكفرة
النسوة هجمن على الغفراء وبطحوهم أرضا، و ضربوهم بكل شيء و أي شيء!
العمدة يطلب تعزيزات من مركز الشرطة: يوجد بالقرية ارهابين
الإشارة وصلت للمحافظة، التي طالبت العمدة بحفظ الامن وسلامة الارواح
الغفراء حاصروا دار المتوفي، منعوا اهله من الخروج
– والجثة، ما ذنبها
– اكرام الميت دفنه يا كفره!
اشتبك الاهالي مع الغفراء، مرة اخرى نال الغفراء اذى! العمدة جاء، يحمل بندقيته: سوف اطلق النار
تقدم ابو المعاطي يسأله: لماذا يحدث كل هذا؟
– انا احافظ على سلامة الناس، مات ابوك بالفيروس
– مات ابي مقتولا
– مقتولا! ، تلفت العمدة يبحث عن القاتل: من قتله؟
– الجهل!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى