غير مصنف

قراءة في خطاب الحسين ع لاصحابه القراءة الثانية ( الصحابة )

قراءة في خطاب الحسين ع لاصحابه
القراءة الثانية ( الصحابة )
بقلم …سيد محمد الياسري
يرتبط خطاب الامام الحسين ع بعضه ببعض وان تباعد بفتراته الزمنية ، وهذه خ

تضاف اليه ، أي ان القراءة الأولى حول (المجتمع العربي) لاتنفك عن هذه

القراءة حول ( الاصحاب ) وهذه الارتباط هو الذي يكون سببا من الأسباب في تقديم الاصحاب على الاهل

، لان المجتمع الذي انسلخ من جميع المباديء صار في معسكر يزيد ، وهنا ب

الحسين ع بخطابه ان يضع مقياس اخر لمن معه مغاير تماما ، وقد دلتا الكلمتين

عن الاصحاب بالشمولية ( أوفى ) و( خيرا ) وهذا دليل على التسلسل الزمني

فالوفاء اختصت بها الشعوب منذ الازل ، والخير جاء بعدها وتعمم بالإسلام وهما إ

الى العروبة والاسلام كجهة قابلة للوجود ، أي ان من عاش مع العرب ولو

قليل اكتسبها او صارت جزء منه او حسنها اذا جاء وهي موجودة عنده وهنا ك

التفضيل اوفى من المسلوبين من العروبة التي تحلى بها سابقا وغنى فيها

، حيث انه كان وصف معسكر يزيد بالمسلوبين من الإسلام والحرية و

، كان بالمقابل أصحابه يمتازون بكل شيء، ولو تتبع كلمة اوفى في المعجم ت

تشمل الصدق في الحديث والأمانة والكرم والثبوت والدعاء والفضيلة ، و

ان الوفاء جاءت حتى على من مات ولم يترك مالا عليه يسدده من بعده ابنه او

خاصته ، هذه الشمولية هي التي اهلت الصحابة الى الانتقال بعد حصولهم على

النقاوة لدرجة ليس هناك متعلق بعد الموت معهم أي ان جاهزية الشهادة

خالصة جدا وباعوا انفسهم لله بطهارة ونقاوة تامة ، ومع هذا زادهم التفضيل

الاخر شمولية أوسع من غيرهم بـ ( خيرا ).
ميقات الخطابة كان افضل وقت يتيح للمستمع ( الصحابة ) فكرة الحرية

والاختيار ، بمقابل ان الحسين ع منح أصحابه الحرية قبل ليلة من بدأ المعركة

، وقبل ان يذكر معسكر يزيد بالخيارات الثلاث : الإسلام ، او أحرارا في دنياكم ،

او عربا كما تدعون ، كان منح أصحابه الحرية بالاختيار وذكرهم ان هذا آخر ي

، ولم يقل في الدنيا وهنا البعد الديني ، لان الشهيد يعيش خالدا في الدنيا

والآخرة ( احياء يرزقون ) لهذا كان الاختيار بالخطاب (ألا وَإنِّي لأظُنُّ أنَّهُ

آخِرُ يَوْمٍ لَنا مِنْ هَؤُلاءِ) انه اخر يوم مع الاشقياء فلا لقاء لهم في الدنيا الا مع

السعداء المحبين ، وهنا قراءة للمستقبل حول ما يلتقي بهذه البقعة التي صارت

قبلة للمؤمنين ، ولا لقاء في الاخرة مع هؤلاء لانهم في طريق النار ، وهذا ما

يؤيد ان أحدا جاء للسجاد علي بن الحسين ع وسأله لم اسل سيفا او ارمي

سهما لكن كنت بمعسكر يزيد ، فكان الجواب انه اكثر السواد على الحسين

وهو نقطة من ذلك السواد ويقصد بالسواد المعسكر .

لقد ملأ الامام الحسين ع خطابه بالموكدات حتى بان في كل جملة من

ذلك ، كي يمنح الجميع الحرية ( ألا وَإنِّي قَدْ أذِنْتُ لَكُمْ، فَانْطَلِقُوا جَميعاً في

حِلٍّ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي ذمامٌ، هذا الليل قَدْ غَشِيَكُمْ فَاتَّخِذُوه جَمَلاً) اعطاهم الاذن

وما اعظمها من مفردة استخدمت مع مؤكداتها انها توحي قد أذن الرسول ص

فلم يقل اذهبوا انتم في حل ، فروا ، غادروا ، انجوا ، … كثير من البدائل ، الا

انها ايحاء قرآني كما استخدم ( ذمام ) ولم يقل ليس عليكم مني عهد او بيعة

او كفالة او ميثاق فانها تشمل الجميع وهو اطلاق عام لهم ، وبهذا فرغت

رقابهم من امام زمانهم ، كما فرغت رقابهم من ذمام رسول الله ص ، وهم

احرار في الدنيا والاخرة ، واطاهم اذن بقاء طريقهم سليم في دينهم ، والجدية

في ذلك ان الليل موجود وباستطاعتكم ان تتخذوه جملا حيث لايشاهدكم

معسكر يزيد ولا يردكم احد وهذا له اكثر من دالة :
ـ ان معسكر يزيد لم يكن يطوق ٣٦٠ د

معسكر الامام الحسين ع
ـ ان الحسين ع باستطاعته مغادرة

المعسكر والتسلل خارجه
ـ قول الحسين ع جميعا أي كل المعسكر

بما فيه أهله وهذا دليل على ان الجميع كان مختار الوقوف ضد الظلم .

في هذا دالة يمكن ان نشير اليها هنا تقطع الطريق على الذين كتبوا عن ا

ع انه لايستطيع الخروج من المواجهة واجبر عليها وانه لايعلم بطريقه او

باستشهاد مسلم سفيره وما يؤوله البعض في عدم توفيقه باختياره المكان

او غيره من التضليل فان هذا الخطاب يوضح إمكانية انتقال المعسكر وتسربه

او إمكانية انتقال الحسين ع الى مكان اخر .
لم يغادر أحد منهم ولم يعطوا ظهرهم للباطل ابدا ، وكان جوابهم البقاء بصلابه

، مع قلة عدد الصحابة مقارنة مع اهل بيته ع ، اذ مهما بالغت الاحصائيات فان

الصحابة بكل ما طرحه المؤرخون لم يصلوا الى نصف معسكر الامام الحسين

ع فان العدد الاوفر كان من اهله ، وهذا ما يؤيد ان جميع القبائل الساكنة في

الكوفة قد شاركت او اتخذت نقطة سواد ، حتى ان من بين الصحابة رئيس

قبيلة فقد كانت عشيرته في محيط المعركة ، وهذا ما يؤيد ان نصرة

الحسين نصرة دينية محضة ، ليس فيها التواءات كما في بدر مثلا حين قتل

احدهم ووجوده في رمق فقالوا له انطق الشهادتين قال اني جئت انصر

قومي ، او مادل عليه بعض احاديث الرسول ص بان احدهم يروم وجهة الله

وسبيله واخر على غنيمة او امرأة او قومه فان نصرة الامام كانت ذات طابع

نقي نحو الدين المحمدي والوقوف ضد الانحراف في المجتمع الإسلامي .

من انقى ما قدمه الصحابة انهم ليس بقائهم مع الامام الحسين ع ، بل تقدمهم

للموت نفسه ، قبل أي احد من عائلته ، هذا يدل على درجة عالية من النقاوة ا

لم يفكر احدهم او رواده الشكوك في نفسه ، انه قد يموت ، ومن بعد موته ت

المعركة بسبب مفاوضات او عدول الامام عن الامر ، أي ان درجة ايمانهم

بامام زمانهم كاملة ، وثقتهم أوسع من الكمال الانساني نفسه ، لهذا كانت كلمة

الامام الحسين ع : ( فَإنّي لا أعْلَمُ أصْحاباً أوْفَى وَلا خَيْراً مِنْ أصْحابي ) ،

فهو العالم والمجتهد وسبط رسول الله ص وسيد شباب اهل الجنة ينفي وجود

له علم بانه يوجد سابقا او لاحقا اوفى او خير من أصحابه ، توفرت لهم شروط

الهروب ، كما توفرت لهم شروط المفاوضات مع ابن سعد واعطائهم

اموالا وضيعا وامارة ولم يتركوه ، كما توفر لهم شروط المغادرة ويبقى

اسلامهم على ذات النقاوة ، لم يحتاجوا الى أي محفزات والحياة مفتوحة لهم

فاختاروا الموت مع سيدهم وبشرط ان يكونوا قبله كي يعذروا في الاخرة من

رسول الله ص ، ان اتخذنا مقارنة مع السابق قد يطيل وان اخذنا مقارنة مع

آخر الزمان أصحاب المصلح للكون يطول أكثر ، فان علم الحسين ع ظل

تحت عنوان انه لايوجد اوفى ولا خيرا من اصحابي …

ولااهل بيت ابر ولا أوصل من اهل بيته في القراءة الثالثة لخطاب الامام الحسين ع.

 

 

قراءة في خطاب الحسين ع لاصحابه القراءة الثانية ( الصحابة )

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى