مقالات وتقارير

فانتازيا السياسة مابين جهل الشعوب وحكام الأمر الواقع

فانتازيا السياسة مابين جهل الشعوب وحكام الأمر الواقع.بقلمي..أ.أيمن حسين السعيد..الجمهورية العربية السورية.


الخيال هو توق وتوقع حدوث الأجمل والأفضل للشخص في خضم أحداث حياته العامة والخاصة بناء على توهم

وليس له علاقة بمعطيات الواقع، أو هو حالة اندفاع شعوري قوي ينتاب الواعي سياسيا في الاعتماد على

تفسير الأحداث بناء على توقعات خيالية تملؤها الرغبة في حدوث أشياء يتمناها وغالبا ماتكون مستقبلية في

علم الغيب والمجهول أو الشعور بالإلهام بما يشبه التراجيديا التمثيلية.


والفانتازيا كمصطلح أدبي وفني تعني الخيال والتحليق فيه والتوهم وهذه مكانها الطبيعي هو الإبداع الفني،

أما إذا أخطأت طريقها وسكنت عقول الشعوب وعقل السياسي فلا بد ان تولد طاقة هائلة من الأوهام التي

تشعرهم بقوة لا يمكن تخيلها فتتحول إلى سفينة ثابتة في مكانها فلا ريح تحرك أشرعتها أبدا، بل هي التي

تتحكم فيها، وإن كانت الرياح أحيانا لا تأتي بما تشتهيه السفن.


ولكن الوهم يسيطر على عقل السياسي والشعوب لدرجة تصل حد اليقين عند كلا الطرفين بأن الرياح

ستخضع لما تشتهيه سفينة كل واحد منهم ويعيش في نشوة مستمتعا بهذا اليقين المغلف بغلاف ذهبي

وردي في مخيلة وأوهام السياسي والشعوب التي تخضع لسلطة هذا القائد أو السياسي الحالم إلا أن تأتيهما

الضربة الواقعية التي تزيل هذا الغلاف باصطدامهم حقيقة بالواقع الذي يرونه عكس مارأوه هم وعليه يحصل

الإصطدام مابين القائد والشعوب على إثر استفاقتهم على الواقع المر الذي كانوا في غفلة خدر عنه لسكرتهم

في خيالهم الذي كانوا يغذونه بفعل شربهم خمرة الأوهام وتجرعهم حبوبها المخدرة…فتذهب السكرة ويصحون

على الواقع المحيط بهم ليذكرهم بوجودهم وما هم فيه.


وقبل الخوض والتعمق وسبر حالة الشعوب العربية بشكل عام وحالة حكامها لا بد من التعريج على اللغة

العربية.
فكلمة توقع اشتقت من الواقع، فالقدرة على التوقع هي نفسها القدرة على فهم الواقع، ثم استخدام عناصره

لتحقيق الأهداف السياسية للحاكم وللشعوب بمختلف أطيافها وعقائدها.


إن الخيال السياسي هو اخطر ما ابتليت به الأمة العربية سواء كانوا شعوبا أو حكاما أو افرادا مما أسهم في

عملية تدمير هذه الأمة وهو اي تدميرها لا زال جاريا وذلك بفضل تخطيط ممنهج من استخبارات العالم

والموساد على رأسها، بضخ إعلام يتخذ الحقيقة كرداء مبطن للفتنة وتعدد الآراء كتراشق السهام والنبال فيما

بينهم والقصد القضاء الواحد على الآخر من دون أن يكون لجيوش أمريكا او اسرائيل او الدول الغربية وجود

للقضاء عليهم بل اتخذت مبدأ إدفعهم تجاه بعضهم البعض أي العرب بشكل عام او الشعوب العربية وحكامها

بشكل خاص وافتنهم باللعب والتلاعب على وتر المذهبية والأقلية والأكثرية والقوميات الصغيرة دعوها تعمل

لصالحنا لطعنهم ومساعدتنا في القضاء عليهم إن لم يقضوا على بعضهم البعض (الأمازيغ، الأكراد) بينما نحن

نجلس ونشاهد ونستمتع بمشاهدة حلبة الثيران وهي تتناحر فيما بينا ومن ثم القضاء على بعضها البعض

بطعنات تنهي وجودها بإدخالنا أدواتنا والتي هي الإخوان القاعدة وداعش وغيرها من تنظيمات دينية فبأوهامنا

وجهلنا نقتل بعضنا البعض نحن كعرب وهم أي أمريكا واسرائيل والغرب يشاهدوننا بينما معامل اسلحتهم تعمل

لأجلنا بشرائنا السلاح الذي نقتل فيه بعضنا البعض ويسرقون خيرات هذه الأمة وثرواتها عن طريق حكامها

الذين يساندونهم في تثبيت كراسي حكمهم الملكي او الجمهوري لدول هذه الأمة وهذا حقيقة مايجري وإن لم

يستيقظ الحكام من حقيقة أن من يسانده هو الشعب وأن من يثبت حكمه هو الشعب وإن لم تستيقظ الشعوب

من سموم أوهامهم بأن الحاكم هو مصباح سحري أو مصباح علاء الدين لتحقيق تطلعاتها وآمالها من غير تضافر

جهود هذه الشعوب مع حكامها لن يصلوا بأنفسهم وأوطانهم إلى تقدم وازدهار أبدا وأنا ارى ذلك بناء على

معطيات واقع هذه الدول وشعوبها ولعشرات العقود في المستقبل فلا استقرار ولا سلام ولا أمان للأجيال

القادمة في ظل عيش الحكام والشعوب على أوهام حكم الحكام لهذه الشعوب من غير تأمين لقمة العيش

الكريم وتأمين فرص العمل بظل مناخ عملي واقعي نزيه هو وحاشيته فالحاشية الفاسدة تدمر الحكم والحاكم

وتجعله مهزلة للشعوب والشعوب عليها التقيد بالنظام المؤسساتي والعمل في اوطانها كخلية نحل لتأمين

والارتقاء بمستوى عيشها الى عيش كريم ومنه الانطلاق في كافة المستويات الاخرى من مستويات الحياة

بشكل عمومي بما يخص أوطانهم الذين ينتمون إليها.


إن سوء التفكير السياسي للحكام والشعوب معا والحالة الخيالية التي تصيبهم الآن وهي نتيجة تراكمات أجيال

وحكام مضوا او رحلوا ولم يكن من استلم من بعدهم مصلحا للمسار وكذلك الشعوب بأجيالها الجديدة لا تعي

الحرية التي يطالبون بها وجميع ثوراتهم او ما أسموه ربيعا عربيا ثورات همجية غوغائية من دون وعي وادراك

بلا تنظيم ولا برامج بديلة او خطط مقبولة ومعقولة او ممكنة التحقيق، وهي بذلك تدمر السفينة(الوطن) الذي

يعيشون فيه والذي استيقظ فيه الحكام والشعوب على حقيقة أن الرياح لا تهب أبدا في أشرعة السفينة وكما

توهموا بما اشتهوا وان السفينة لم تصل بعد إلى بر الأمان وأنها مازالت في عرض البحر ولذلك التناحر مابين

الشعوب والحكام سيخرب سفينة الوطن بدل أن يجدفوا سوية من خلال هذه السفينة للوصول إلى بر أمانهم

ومرساهم بسلام بدل التناحر والاقتتال الذي يؤدي حتما إلى غرق الجميع الوطن والحكام والشعوب في هذا

البحر المتلاطم الأمواج والذي لا سفن نجاة فيه لهم ولن يلبي احد نداء استغاثتهم ونجدتهم.


فالحكام لا زال لديهم خيالية فيما يخص شعوبهم وانكار للحقيقة التي لا يريدون ان يعوها مما يجعلهم في

سكرات تزيد حالة الإنكار وعدم تصديق ما يجري حولهم وحالة النكران هذه الحقيقة لا تريح الحكام أبدا فلا

يستطيع تقبلها ويرفضها بدل أن يعالجها بالإعتماد على مستشارين شرفاء واعيين لحقيقة الأمور وهمهم الوطن

اولا للوصول إلى مساعدة هذا الحاكم بالإستمرار في حكمه إن اراد حقيقة المحافظة على حكمه بل إن

الشعوب ستتقبل حكمه إلى ان يموت فقط إن تضافرت جهوده وبمؤازرة شعبه للوصول سوية إلى الإرتقاء

والصمود بوجه المخاطر المحدقة والمتربصة بهم كأمة وكشعوب وكحكام.وعدم اتباع الفانتازيا السياسية في

التفكير بل باتباع المعطيات الواقعية المنطقية وإن كانت مؤلمة لتعطيه اندفاعا حقيقيا وجدانيا في تعاطيه مع

الأحداث بعيدا عن اوهام لا أساس لها.


يتسبب التعاطي في حالة الفانتازيا السياسية في تغذية الشعوب والحكام بنمو الظنون الآثمة عن الطرفين

وذلك عبر حشو الأخبار المضللة من قبل قنوات اعلامية متخصصة عدوة لكليهما كالجزيرة والعربية التي تعملان

على هدم هذه الأوطان بأمر مشغليها الأعداء طبعا.
مما يتسب في ابتداع حلول من الحكام لا تلامس الواقع وكذلك الشعوب تطالب بأمور أحيانا تكون غير ممكنة التحقيق ويبقى الحكام والشعوب في انتظار حل سحري لن يأتي أبدا مما يوصلهما ألى حالة شعورية محبطة نتجت عن عدم انتهاجهم الواقع والمنطق الذي لم يكونوا متقبليين لتصديقه والنتيجة التصادم والاصطدام.
فمعظم الحكام يعتمدون على حاشية وحكومات لاتخبره الحقيقة أبدا وذلك لاستفادتهم وتغطية على سرقاتهم وتجاوزاتهم ويعتمد أيضا معظم الحكام على منجمين وعرافات وعرافيين يعطونه حلولا ايضا لا تكون ناجعة ابدا لعدم اتباعه منهجا علمياعقليا منطقيا لحل مشكلات حكمه وشعبه ووطنه ويكفي أن أشير إلى ان جميع الحكام العرب يستقبلون العرافيين والعرافات في قصورهم ويغدقونهم بالمال.
فالشعوب العربية وحكامها وصلوا لدرجة متدنية من الإسفاف والتردي الأخلاقي في عدم اكتراثهم لما سيكتبه التاريخ عنهم وعدم مبالاتهم بنظرة جميع الأمم في العالم وهي نظرة لا تحترمهم ولا تكترث بهم بل يذرونهم ويحتقرونهم فالحاكم العربي دائما في كل الأفلام الغربية والشرق الآسيوية واللاتينية وكذلك شعب هذا الحاكم موضع سخرية وتهكم وازدراء.
وذلك كله بسبب انكار هؤلاء الحكام والشعوب لواقعيتها الغير سعيدة والغير سارة والمنكرة لها والمتكبرة المتجبرة على عدم قبول الحقائق والحقيقة.
ولو انها نحت منحى جديا بعيدا عن الفانتازيا السياسية الخيالية لما وصلنا إلى ماوصلنا اليه من تردي الحال وتدميرنا بأيدينا لأوطاننا.لأننا لم نأخذ بالأسباب العقلية والمادية والعلميةللوصول بحالنا إلى مستوى أفضل ومتقدم.
علينا كعرب ان نواجه واقعنا مهما كان مؤلما وننبذ الأماني والأوهام والميول والخيالات في أي عملية وتفكير سياسي وحتى في مناهج الدراسة ووسائل الاعلام وألانخجل من واقعنا الذي علينا مواجهته والعمل على حل مشكلاته و سلبياته لا الهروب منها وان تكون الشفافية والصراحة لدى الحاكم وأشدد على الحاكم وأشدد أكثر على حاشية هذا الحاكم ووزارائه وكذلك الشعوب عليها أن تقابل واقعها بحكمة وصبر ومواصلة العمل من غير اتكالية واستسلام وانهزام لبناء أوطانها إن ارادوا لأجيالهم العيش فيها وتأمين مستقبلهم فيها بفهمهم الواقع كما هوحقيقة وتقبله لا كما نتخيله ونحلم في أن يكون فلايكون، فنقع في صدمة تلو صدمة وذهول تلو ذهول والسبب أننا نحلم كحلم الفتاة بمجيء فارس الأحلام على حصان أبيض وهذا مايعلمونه لفتياتنا بدل أن نعلمها ان تتكل على نفسها وتناضل وتكافح لإثبات نفسها ووجودها فزمن الرجل الذي أصبح بلمسة سحرية كمصباح علاء الدين يلبي لها كل مطالبها لا وجود له مطلقا خاصة في هذا العصر.. بقلمي..أ.أيمن حسين السعيد…سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى