غير مصنف

عظماء من التاريخ (٢١)

عظماء من التاريخ (٢١)

محمد عطيه

المثنى بن حارثة الشيباني البكري توفي

سنة (635 م – 14 هـ) تابعي رغم لقائه بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكنه كان

مشركاً ولم يلتق به وهو مسلم، أسلم سنة تسع للهجرة، كلفه الخليفة أبو بكر الصديق بقتال الفرس مع قومه قبل

بعث خالد بن الوليد إلى العراق.
.
حاله في الجاهلية

في الجاهلية أغار المثنى بن حارثة

الشيباني، وهو ابن أخت عمران بن مرة الشيباني، على قبيلة تغلب، وهم عند الفرات، فظفر بهم فقتل من أخذ من

مقاتلتهم وغرق منهم ناسٌ كثير في الفرات وأخذ أموالهم وقسمها بين أصحابه، فقال شاعرهم في ذلك

ومنّا الذي غشّى الدليكة سيفه على حين أن أعيا الفرات كتائبه
ومنّا الذي شدّ الرّكيّ ليستقي ويستقي

محضاً غير ضافٍ جوانبه
ومنّا غريب الشام لم ير مثله أفكّ لعانٍ قد تناءى أقاربه
دليكة: فرس المثنى بن حارثة الشيباني

، والذي شد الركي مرة بن همام الشيباني، وغريب الشام ابن القلوص بن

النعمان بن ثعلبة.

قصة إسلامه

روى أَبان بن تَغْلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي بن أَبي طالب كرم الله

وجهه قال: تلا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام/ 151] على بني شيبان، وفيهم المثنى بن حارثة، ومفروق ابن

عمرو، وهاني بن قبيصة، والنعمان بن شريك، فالتفت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلى أَبي بكر فقال: “بأَبي

أَنت! ما وراء هؤلاء عون من قومهم، هَؤُلاءِ غرر الناس”. فقال مفروق بن عمرو، وقد غلبهم لسانًا وجمالًا: والله ما

هذا من كلام أَهل الأَرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه. وقال المثنى كلامًا نحو معناه، فتلا رسول الله صَلَّى الله عليه

وسلم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ

وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}… [النحل/ 90]، فقال مفروق: دعوتَ واللّهِ يا قرشي إِلَى

مكارم الأَخلاق، وإِلى محاسن الأَفعال، وقد أَفك قوم كَذَّبوك وظاهروا عليك.

وقال المثنى: قد سمعت مقالتك، واستحسنت قولك، وأَعجبني ما تكلمتَ

به، ولكن علينا عهد، من كسرى لا نُحدِثُ حَدَثًا، ولا نُؤْوِي مُحْدِثًا ولعل هذا الأَمر الذي تدعونا إِليه مما يكرَهُه الملوك. فإِن

أَردتَ أَن ننصرك ونمنعك مما يلي بلاد العرب فعلنا. فقال النبي صَلَّى الله عليه

وسلم: “مَا أَسَأْتُمْ إِذْ أَفْصَحْتُمْ بِالْصِّدْقِ، إِنَّهُ لاَ يَقُومُ بِدِينِ الله إِلاَّ مَنْ حَاطَهُ بِجَمِيعِ جَوَانِبِهِ”. ثم نهض رسول الله

صَلَّى الله عليه وسلم على يد أَبي بكر.

أسلم المثنى سنة تسع وقيل سنة عشرة للهجرة مع وفد قومه. وقال ابْنُ حِبَّانَ:

له صحبة. والصحيح والمشهور أنه تابعي رأى النبي صلى الله عليه وسلم

قبل أن يسلم وعندما أسلم ذهب المدينة قاصداً رسول الله صلى الله عليه وسلم و

لم يدرك النبي فقد صعدت روحه صلى الله عليه وسلم الطاهرة إلى باريها فلم ينل شرف الصحبة رحمه الله.

تولية أبو بكر له لقتال الفرس

عندما أسلم المثنى بن حارثة كان يغِير

هو ورجال من قومه على تخوم ممتلكات فارس، فبلغ ذلك الصديق أبا بكر، فقال عمر: مَنْ هذا الذي تأتينا و

قبل معرفة نسبه؟ فقال له قيس بن عاصم التميمي: “أما إنه غَيْرُ خامل

الذّكر، ولا مجهول النسب، ولا قليل العدد، ولا ذليل الغارة، ذلك المثنّى بن حارثة الشّيبانيّ.”. ولم يلبث المثنى أن

قدم على المدينة المنورة، وقال للصديق: “يا خليفة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ابعثني على قومي؛ فإن

فيهم إسلامًا؛ أقاتل بهم أهل فارس، وأكفيك أهْلَ ناحيتي من العدوّ” ففعل

ذلك أبو بكر، فقدم المثنى العراق، فقاتل وأغار على أهل فارس ونواحي السّواد

حَوْلًا مُجَرَّمًا، ثم بعث أخاه مسعود بن

حارثة إلى أبي بكر يسأله المدد، ويقول

له: إن أمدَدْتني وسمعَتْ بذلك العرب أسرعوا إليّ؛ وأذلَّ الله المشركين، مع

أني أخبرك يا خليفة رسول الله صَلَّى

الله عليه وسلم أن الأعاجمَ تخافنا وتتّقينا. فقال له عمر: يا خليفة رسول

الله صَلَّى الله عليه وسلم، ابعث خالد بن الوليد مدَدًا للمثنى بن حارثة يكون ق

من أهلِ الشّام؛ فإن استغنى عنه أهل الشّام ألحّ على أهل العراق حتى يفتح

الله عليه؛ فهذا الذي هاج أبا بكر على أن يبعث خالد بن الوليد إلى العراق.

كان الخليفة عمر بن الخطاب يسمِّيه مؤَمِّر نَفْسه

بعض كلماته

قال المرزباني: كان مخضرما وهو الذي يقول:

سألوا البقية والرماح تنوشهم شرقى

الأسنة والنحور من الدم

فتركت في نقع العجاجة منهم جزرا لساغبة ونسر قشعم

وفاته

لمّا ولي عمر بن الخطاب الخلافة سيّر أبا عبيد بن مسعود الثقفي في جيش

إلى المثنى، فاستقبله المثنى واجتمعوا ولقوا الفرس بـ( قس الناطف ) واقتتلوا

فاستشهد أبو عبيد، وجُرِحَ المثنى فمات من جراحته قبل معركة القادسية.

وصيته: لسعد بن أبي وقّاص قبل

معركة القادسية: أن لا يقاتل العدو إذا استجمع أمرهم وجندهم في عقر دارهم، وأن يقاتلهم على حدود أرضهم

على أدنى حجر من أرض العرب وأدنى حدٍ من أرض العجم، فإن يُظهر الله

المسلمين عليهم لهم ما ورائهم، وإن تكن الأخرى: فأووا إلى فئة، ثم يكون أعلم بسبيلهم وأجرأ على أرضهم إلى أن يَرُدّ

الله الكرّة عليهم.

قال ابن السّراج: سمعْتُ عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن عديّ

الهاشميّ يقول: قُتل المثنى بن حارثة

الشيباني سنة أربع عشرة قبل القادسيّة.

عظماء من التاريخ (٢١)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى