مقالات وتقارير

حكاية_في_صورة

بعد باب زويلة بخطوات بسيطة، هاتلاقي البيت اللي على يمين الصورة ده، هاتلاقي

مكتوب عليه: سبيلُ سعادةٍ ومراد عزٍ .. وإقبالٌ لمحسنة رئيسة

يسرك منظر وصنع بديع .. وتعجب من محاسنه الأنيسة

جرس سلساله عذب فرات … فكم أحيت بها مُهجًا بئيسة

نؤرّخه سبيل هدى وحسن … لوجه الله ما صنعت نفيسة

البيت ده هو سبيل وكتاب لسيدة مصر الاولى من 200 سنة “نفسية البيضا”، أو أم

المماليك.


قصة نفسية البيضاء بدأت من جورجيا، لما اتخطفت واتباعت في اسطنبول وبعدها

اتبعتت لمصر عشان يمتلكها واحد من بكوات، زي ما كان متبع مع بنات كتير وقتها.


بالفعل جت مصر ودخلت في حريم على بك الكبير اللي حبها لشدة جمالها اللي خلاه

غصب عنه حبها وبنالها بيت كبير بيطل على بركة الأزبكية في درب عبد الحق، وده كان حي صفوة الصفوة وقتها.
علي بك الكبير في الوقت ده كان نفوذه زاد لدرجة انه حاول يطرد الوالي العثماني وبعت

جيش بقيادة محمد أبو الدهب للحجاز اللي هي السعودية وضمها هي والشام لحكمه لمدة سنتين، وكانت نفيسة بدأت تفهم السياسة وشؤونها، وفي الفترة دي كان العثمانيين ظبطوا مع محمد ابو الدهب وناس معاه وقلبوا علي بك الكبير واتأسر في موقعة الصالحية ومات بعدها.
مراد بك ده كان واحد من اللي شقلبوا علي بك وكان من شروطه ان نفيسة البيضا تكون

من نصيبة عشان كان بيحبها جداااا، وقد كان واتجوزها، وورثت نفيسة من علي بك فلوس كتير جدا.
عاشت معاه 20 سنة وحطت ورثها على الفلوس اللي بتاخدها من مراد بك وبقى معاها

فلوس أكتر، وكانت من أغنى الناس عموما في الوقت ده، حاجة كده ولا نجيب ساويرس،

المهم ان شوية كده ومحمد ابو الدهب مات فحكم مصر بعدها مراد بك وابراهيم بك، هو

مراد كان بيحبها وبيحترمها جدا وبيسمع كلامها لدرجة انه لما افترى على الناس كانت

هي الواسطة بينهم وبينه وكانت بتقلل الضرايب والاتاوات، عشان كده المصريين حبوها،

ووصل بيها الحال انها بقى عندها جيش خاص بيها لوحدها من 400 مملوك، وأسطول من

السفن على النيل، و56 جارية و2 بودي جارد من الخصيان.


وعملت منشآت حيوية للناس البسيطة زي مثلا حمامين عموميين، كان ربحهم بيروح

لأعمال الخير، وسبيل وصهريج مياه ورا باب زويلة، وكمان وكالة تجارية فيها محلات كان

ايجارها بيروح للإنفاق على السبيل والكتاب اللي في يمين الصورة ده، وفوق الوكالة

والحمامين كان في ربع أو أوتيل كده بسيط لتسكين الفقرا بفلوس بسيطة، وكان اسمها

السكرية.. اللي كتب عنها نجيب محفوظ.


شوية ودخل مراد بك في مشاكل وحرب مع الحملة الفرنسية وهرب على الصعيد وكانت

هي الوسيط بينه وبين كليبر اللي سابه نابليون هنا في مصر واللي كان بيحترمها برضه،

وبعد شوية قرر ان مراد بك يبقى والي الصعيد بس مفيش أيام والطاعون ضربه ومات

هناك.
الفرنسيين اتراخموا عليها برضه ودفعوها فلوس كتير جدا.
مشاكل وتنافس بين انجلترا وفرنسا على مصر بس انجلترا فازت وجه العثمانيين عشان

يبقوا ولاة على مصر، وفي خلال سنتين اتغير على مصر 5 ولاة أتراك منهم واحد كان

اسمه خورشيد باشا، ده اتراخم على نفيسة جامد عشان هي تعتبر الحامي الأخير

للماليك ومصدر للمال، ومع زيادة رخامته على مصر عموما راح كبار القوم هنا جري على

محمد علي باشا عشان يتولى هو حكم مصر، وقد كان.
محمد علي كان أذكى من خورشيد بكتير، وقدر يقضي على المماليك بالتدريج ويوسع

نفوذ العثمانيين في مصر، لحد ما عمل مذبحة القلعة الشهيرة، وده كله كانت نفيسة

البيضا بتعيشه وبتشوفه، ومع ضعف المماليك كان برضه ضعف نفيسة في المال والنفوذ

والصحة وكمان كبر السن.
كبرت وضعفت وافتقرت لحد ما ماتت، ماتت سيدة مصر الأولى اللي كان عندها جيش

خاص وهي فقيرة جدا، ماتت في بيتها اللي بناه لها علي بك الكبير، واتدفنت جنبه، وبعد

موتها استولى محمد علي باشا علي البيت وسكن فيه شوية من أكابر دولته.


ماتت نفيسة واتنست بقي الأثر يحكي عن كل الخير اللي عملته
“نؤرّخه سبيل هدى وحسن … لوجه الله ما صنعت نفيسة”.
——————————————————————-
مدخل الأثر ده دلوقتي مليان زبالة وحاجة ماتليقش بمقام كنز أثري زي ده، ياريت حد يتحرك وينقذه من الإهمال.
حكاية_في_صورة
اشرف عبده ابراهيم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى