مقالات وتقارير

حتى حسكور" قصة قصيرة.بقلم أ.أيمن حسين السعيد

حتى حسكور…قصة قصيرة.بقلمي أ.أيمن حسين السعيد..سورية.قصة حقيقة بأسماء غير حقيقية..أرجو المتعة والفائدة.
قبل شروق شمس جمعة حزيرانية يخرج وزوجته وأولاده الأربعة غير ملتفت إلى بيته، وكأنه لم يكن مرتبطا به أبدا،يمسك بولده الصغير الذي لاسروال له ومخاطه سائلا من أنفه، يضعه على كتفيه فتقول له زوجته: دعني ألبسه السروال.
لا يرد عليها ويمضي بعزم في طريقه ويلحقه زوجته وأولاده الصغار الأربعة.
يلتقون في طريقهم جارتهم الأرملة أم ديب .
-صبحكم الله بالخير…إلى أين العزم والقصد إذا الله أراد.
فيرد عليها بنزق وعصبية
-إلى الجهنم الحمراء.
ويمشون على الطريق الاسفلتي حيث داره ودار أهله وإخوته ومحله ومحلاتهم جميعا على الطريق العام.
وإذ بسيارة الهيونداي الفان تقف قبالتهم ويصعدون جميعهم بالسيارة حيث اتفق مع سائقها لتوصيله الى تركيا.
حسكور في الخامسة والخمسين من العمر، نحيف طويل القامة ذو بشرة سمراء وعينين خضراوين لامعتين يخط وجهه شارب رفيع.
هو حقوقي وكان موظفا لدى الدولة بمنصب معتبر وله أهميته ككاتب عدل في مدينة جسر الشغور ولكن لكثرة ما كان يحب الإستفادة والرشوة وبسبب طمعه تم كف يده عن العمل ولقبه في جسر الشغور (محي الموتى) لكثرة ما قام بتزوير سندات للعدل وأخذ حق الناس وإعطائها لناس بموجب اتفاق ومؤامرة مابينه وبين الذي يريد أكل حق ليس حقه، وذلك بوضع بيضة مسلوقة ساخنة على بصمة حقيقية ووضع البصمة التي علقت على هذه البيضة على سند العدل ومن ثم ملأه بمايريد،بل إنه في ليلة موت أحد الأغنياء ذهب وأحد التجار الذين أراد محله في السوق الرئيسي في جسر الشغور، ذهب وإياه ليلا إلى المقبرة، ونبشوا قبره ووضع بصمة اليد اليسرى لذلك الغني الميت ببيعه محله لذلك التاجر بموجب مبلغ كبير جدا متفق عليه مابين حسكور كاتب العدل وذلك التاجر، حسكور البالغ عمره الآن الخامسة والخمسون شخصية خبيثة طريفة همها في الحياة الكسب ثم الكسب ثم الكسب فالمال فالمال فالمال ولذلك فهو بلا أي أخلاق ولكنه دمث محبوب من أهل القرية لطرافة حديثه وتصرفاته المضحكة رغم شحه وبخله، وإظهاره للمسكنة بهيئة ثيابه وشخصيته الرثة، بالإضافة إلى أن حبه للمال جعله كالكلب يلهث إذ نادرا ما تراه بلا عمل بعد أن كفت الدولة يده عن العمل وذلك بسبب بخله الشديد فالقاضي المسؤول عنه طلب منه هدية له تلفاز شاشة بلازما فرفض لبخله ومن كثرة شكاوي الناس عليه أحاله هذا القاضي بدافع الانتقام إلى محكمة مسلكية كفت يده عن العمل ورغم طعنه بالقرار ورشوته وتبرئته وصدور قراربعودته مجددا إلى عمله إلا أن الأحداث التي قامت والأزمة التي طالت جميع مناطق الوطن فقد ظل قرار عودته بوقف التنفيذ إلى إشعار آخر، وبقي بلا عمل إلى أن افتتح دكانا على الطريق وذهب إلى مصياف برفقة أحد أصدقائه الضباط واشترى جاروشة للبرغل والعدس والفليلفلة ، رغم أنه ليس بحاجة أبدا ولكن طمعه وجشعه كان دافع ومحور حياته منذ صغره وحتى تخرجه من الجامعة فكان دائما يعمل عندما كان طالبا في بيع التين والعنب في اللأذقية رغم غنى أهله الفاحش وفي جامعته في حلب، كان بعد انتهائه من الدوام يتاجر بالبقدونس وبكميات كبيرة ربما تصل إلى أطنان، ولكنه وكذلك إخوته السبعة لهم نفس الطباع وهيئتهم رثة دائما حتى يخال الناظر لهيئتهم الرثة أنهم شحاذون ودائما يشكون الفقر ، وبعد انتهائهم من أعمالهم لا يشترون أبدا سندويشة فلافل رغم جوعهم وهي أرخص أنواع السندويشات بل يذهبون إلى أصدقائهم الأغنياء والذين انتقوهم بعناية القاطنين منهم في المدينة الجامعية أو الساكنين في بيوت في أحياء حلب الجمييلة يتطفلون كشعيب على موائدهم و يأكلوا على حساب أصدقائهم الذين يشفقون عليهم وكانت دائما لهم جملة واحدة هي سبحان من جعل لنا في هذا الطعام نصيب سبحان مقسم الأرزاق ، كانوا سبعة إخوة ولهم بيت في منطقة الميريديان ولم يكن حسكور وإخوته يخبرون الناس بملكية والدهم الشرطي المتوفى لذلك البيت في أرقى منطقة في حلب منطقة الميريديان، كان حسكور وقتها يدرس الحقوق أما إخوته الذين لحقوه ولكثرة مااهتم بجمع المال فلم يتخرج إلا بعد حوالي ثماني سنوات فعمله بتجارة البقدونس بالجملة كان مربحا جدا وخاصة في شهر رمضان والاعياد وبسبب كثافة وعدد وتنوع وكبر حلب وريفها بالسكان ولحاجة المطاعم والفنادق دائما للبقدونس.
إخوته الستة الذين لحقوه تباعا كانوا يدرسون الهندسة باختصاصات متنوعة بالإضافة إلى عملهم منفردين بتجارة البقدونس كذلك مثل أخيهم وكانوا يجمعون المال منذ كانوا طلابا ويأكلون ويشربون على حساب اصدقائهم من الطلاب وذلك لكثرة مايشكون كذبا وزورا وزيفا الفقر بل ويتسولون من الجمعيات الخيرية الحلبية ويطلبون زكاة من تجار حلب فلا ضير ولا عيب عند حسكور وإخوته فجدهم لوالدهم ولوالدتهم وأخوالهم وأعمامهم لهم نفس الطباع الطمع والطمع والتكسب بلا حدود، وابتليت أنا بأن تزوجت ببنت خالهم فعرفت جميع خباياهم الخبيثة والتي مصدرها وراثي من الأخوال والأجداد.
وضع حسكور جميع ثروته من الدولارات حول خصره وفخذيه وحول خصر وفخذي زوجته بأكياس نايلونية ملفوفة بشريط لاصق وفي بقجة خمرية في طيات الثياب الخاصة بهم وبأولادهم بالإضافة إلى خمسة كيلو غرامات من الذهب لبستها الزوجة والإبنة الكبرى له وحتى هو لبس لواحتين مخمستين من الذهب حول رقبته ويمضون الآن إلى تركية.
حسكور تزوج ثلاثة زيجات الأولى من امرأة جامعية راقية جدا ومن عائلة غنية ومعروفة من حلب وله منها ولد وبنت وتخرج الولد كمهندس نفطي هو حاليا في المانية والبنت خريجة أدب فرنسي تزوجت من أحد اقارب والدتها الأغنياء الذين يعملون كصياغ للذهب في المدينة المنورة ولا يعرفهما إلا عن طريق الهاتف والتواصل الاجتماعي فأمهم وزوجها هما من تولى تربيتهما ومسؤوليتهما.
وطلبت الطلاق منه لسوء طبعه ونهمه وعدم رقيه مع أنها حاولت كثيرا معه أن ترتقي به إلى مستوى البشر فلم تفلح وطلبت الطلاق منه ورضخ للأمر خاصة بعد أن تنازلت له عن بيتها في مدينة حلب ومقدمها ومؤخر زواجها وكل مايمت بصلة لها فيه ولكنها لم تترك ولديها وهو لم يطلبهما ورغم زواجها من قريبها الذي وافق على أن يبقى اولادها معهم وهي بدورها انجبت اربعة إخوة لولدي حسكور من قريبها.
أما الزواج الثاني فكان لفتاة من قرية قريبة لقريته وأنجب منها ولدا وعاشت معه سنتين فقط وطلبت الطلاق منه لبخله الشديد جدا واخذت ولدها الذي لا يعرف مصيره الآن فبحسب ما أسر لي أن ابنه من الزوجة الثانية قد مات في عمر العشرين من عمره حيث كان منتسبا لداعش ولا أعرف إن كان كلامه صحيحا ودقيقا ،ام انه يكذب لكي لا يأتيه وجع راس من طرف ولده ومن الجيش الذي كان يشتري أفراده جميع مستلزماتهم الغذائية وغيرها من عنده وكانت علاقته معهم ودودة جدا بحكم استفادته منهم.
أما الزوجة الحالية فكان لها نفس طباعه وأنجبت منه خمسة اولاد وهي الآن مسافرةمرغمة معه إلى تركيا فألمانيا فولده الكبير من الزوجة الأولى وإخوته وأخواته وأصهرته وأمه البالغة من العمر ثمانين سنة والتي كرمتها أحد مدن مقاطعة ميونخ كونها نازحة معمرة كانوا يلحون عليه بمغادرة القرية والمجيء إلى ألمانيا فالمال هناك أكثر ولكن رفض زوجته من الذهاب معه هو مامنعه بالاضافة إلى استيلائه على رزق أهله وإخوته وبيوتهم وكان الجيش في القرية والوضع جيد بالنسبةله فعمله في بيع المشروبات و الخمور والموالح والمأكولات والدخان للجيش كان يدر عليه دخلا وفيرا وكذلك القهوة بالإضافة الى الجاروشة التي كان يتناوب على العمل عليها مع زوجته كذلك. ولم يبق غيره في القرية من أهله وإخوته، عندما استولى المسلحون المتمردون على الدولة على القرية اعتقلوه وسجنوه بحجة بيع الخمور الذي وجدوه في منزله وبعد ان دفع مبلغ مليونين ليرة سورية كرشوة لهم و خرج من السجن عاد الى بيته وعمله ولكن كان الأمراء لقطاعات المنطقة كثيرون وكلما أراد أمير مبلغا معينا من المال لحاجة له أو بحجة الله والدفاع عن الاسلام يأتي إلى حسكور ويقول له:
– حسكور عليك بحفظ سورة البقرة خلال يومين فإن لم تحفظها فسنفرض عليك مبلغ مائتي دولار وإن لم تدفع فربما نجلدك ونقيم عليك حد شارب الخمر.
يحاول حسكور جهده في حفظ سورة البقرة لكي لا يدفع المائتي دولار فدفع المائتي دولار لهم كدفع روحه أو ان أحدا يأخذ روحه عنوة.
فيلتزم البيت ويمتنع عن العمل لكي يحفظ سورة البقرة وكان يحاول جهده وحتى انه يضرب اولاده إذا ما ضايقوه او أزعجوه وهو يحاول جاهدا حثيثا حفظها ولكن عبثا فلم يستطع حفظ سوى تسعين آية.
ويأتي الأمير إليه و حاول حسكور مراوغته بأن لا يقول له الحقيقة بظنه إذا ماستمع له سيمل ولن يتركه يكمل تلاوة سورة البقرة حتى التسعين آية عسى أن لا يخسره المائتي دولار.
-هل حفظت سورة البقرة يااا حسكور
-نعم شيخنا حفظتها.
-كلها
-كلها
يترجل الأمير ومرافقته من سيارة التويوتا ذات الدفع الرباعي وهي حديثة فارهة رغم طلائها بالطين.
-والله والله إن كنت حفظتها في هذين اليومين لأعلنك أميرا على جميع قطاعات الأخوة ونبايعك اميرا على الجميع.
-اخي لا أريد إمارة منكم فقط دعوني بشأني وحالي.
– أخ حسكور نحن نهديك للإيمان تفضل الآن أسمعنا بارك الله فيك سورة البقرة.
ويبدأ حسكور بالتلاوة بطيئا جدا بينما الأمير ممسكا للقرآن يستمع له.
من شدة حرصه وذكائه وخوفه كان يمط ويطيل في التلاوة ، وكان الأمير يدقق جيدا في المصحف وذلك من باب الإدانة لحسكور كي يطالبه بالمائتي دولار، هذا الأمير كان والده الطيب رحمه الله في يوم من الأيام قد وقف على باب المسجد يطلب مساعدة أهل القرية، ومعوناتهم وصدقاتهم المالية لكي يدفع فاتورة هاتفه التي بلغت يومها مائة وثمانون ألف ليرة سورية
وادعى يوما أنها ظلما ولكن الحقيقة أن كشف فواتير هاتفه قد بين له وكشف له عن ابن لا أخلاقي مستهتر فجميع المكالمات الصادرة عن ابنه الأمير الآن كانت مكالمات مع بنات هوى من شتى ومختلف دول العالم.
الآن أصبح ذلك الفاسق أميرا وبارزا فيما يسمونه بثورتهم الملعونة المجنونة اللأخلاقية ولديه بدل السيارة أربعة ولديه نت فضائي ولديه حرسه الخاص كم الزمان قاس ومتهور.
حراسه يصبون القهوة المرة تارة وتارة يتناولون من البراد مشروب الطاقة وتارة يتناولون أغلى قطع الويفرز والشيكولاته وقبل أن يأكلوا شيئا أو يشربوا يناولون أميرهم وحسكور يتقطع قلبه على خسائره لهذا اليوم ولكن بينه وبين نفسه يقول المهم أن لا أدفع مائتي دولار لهم..ويصل إلى قول الله تعالى:
-بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين…إم..إم إم
فينظر إليه الأمير أكمل يا حسكور أكمل ..
-إق إق والله كأنها انمسحت من ذاكرتي أمهلني يوما آخر كي أحفظها.
-يوما آخر …ويضحك الأمير ثم يقول له اخرج بالمائتي دولار في سبيل الله.
يا أخي أنا لو معي مائتي دولار ماكنت فتحت دكانا لأتعيش منه.
-حسكور اخرج بالمائتي دولار وإلا أمرت حراسي باعتقالك ووضعك بالسيارة.
– يا أخي والله هذا حرام الا يوجد أحد غيري في العالم ليدفع في سبيل الله.
– لا تكثر من الكلام الفارغ ألم تتربى من الدولاب الذي أكلته ومن السجن أنت محشي حشوا دولارات وذهب وبيعك اليومي للجيش كان لايقل عن مائة ألف ليرة سورية ونحن نعرف ذلك.
– ولكن الجيش كان لا يطلب مني نفقة في سبيل الله ولا يطلب مني أن أحفظ القرآن أو أمجد أحدا وإذا ما تأخر أحد العساكر بدين لي له عليه كان العميد يدفع عن جنوده بينما أنتم تطلبون مني أن أدفع لكم وتأكلون وتشربون من المحل ولا تدفعون لي الثمن وأنتم جئتم إلينا باسم الله.
يغضب الأمير ويحتد ثم يقول لحراسه.
-ضعوا هذا الزنديق في السيارة.
-لا أخي لا طول بااالك هذه مائتي دولار.
وينتهي الأمر عند هذا الأمير ليأتيه أمير آخر لقطاع آخر في المنطقة فيطلب منه أن يحفظ سورة آل عمران بمدة أقصاها ثلاثة أيام وإلا فعليه أن يدفع خمسمائة دولار في سبيل الله.
وآخر يطلب منه حفظ سورة الأنعام وهكذا حتى بلغ مادفع لهم بحجة الله وعدم حفظه مبلغ الألفي دولار.
إلى أن وصل حسكور إلى قناعة أنه عليه مغادرة البلاد كلها بعد أن رأت زوجته بأم عينها مايحصل لزوجها توافق على السفر والهجرة إلى ألمانيا طالما أن هؤلأء الأمراء الأولاد لا يخافون الله وثروتهم في نقصان.
ابنه المهندس النفطي الذي تركه لأمه الحلبية في العاشرة من عمره ولم ير والده منذ مايقرب الخمس سنوات يتواصل هاتفيا مع حسكور ويطلب منه المجيء إلى ألمانيا وكعادته يشكو حسكور كثيرا فيتكفل ابنه بدفع مستلزمات ونفقات رحلته كاملة
ويطلب من والده الذهاب إلى تركية واستلام مبلغ خمسة آلاف دولار، ويقرر السفر الى تركية لاستلام حوالة ولده ومن ثم الهجرة إلى ألمانيا حيث إخوته وأخواته وأمه وبعد وصوله تركية واستلامه حوالة ولده من أنطاكية يتوجه حسكور إلى اسطنبول ومن حسن حظه أن الحكومات الأوروبية ومنها الألمانية قد أرسلت قوافلا إليها لنقل النازحين بالمجان إلى الدول التي يرغبون بالنزوح إليها بعد غرق الطفل بلال شنو في البحر،فيستقل حسكور القافلة ويصل ألمانيا رغم عدم امتلاكه ومن شدة بخله لجوازات سفر له ولزوجته وأولاده.
تحدثت مع حسكور هاتفيا وعبر النت بمكالمة فيديو كان سعيدا جدا ورغم أن له ولأولاده مسكنا ومعاشا إلا أنه ماترك العمل ببيع البقدونس في سوق هانوفر وقال لي ليت الحكومة الألمانية تخصص لنا مبلغ محرزا مقابل حفظ الإنجيل فسأحفظه كله خلال إسبوع ويضحك ساخرا…حتى حسكور لم يقبل بعورة وثورة العراعير. بقلمي..أ.أيمن حسين السعيد..سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى