محلية

جريمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)

جريمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)

كتب: المستشار/ هشام فاروق

رئيس محكمة استئناف الإسكندرية

وعضو شرف نقابة القراء.

ذكر السيوطي في”تحذير الخواص

من أكاذيب القصاص”:قَالَ النَّوَوِيّ

فِي”شرح مُسلم”:تحرم رِوَايَة

الحَدِيث الْمَوْضُوع على مَن عرف

كَونه مَوْضُوعا أَو غلب على ظَنّه

وَضعُهُ ، فَمن روى حَدِيثا علم أَو ظنَّ

وَضْعَهُ وَلم يُبَيِّن حَال رِوَايَته (في

أثناء روايته) وَضْعَهُ فَهُوَ دَاخل فِي

هَذَا الْوَعيد مُندَرج فِي جملَة

الْكَاذِبين على رَسُول الله صلى الله

عَلَيْهِ وَسلم ، لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ

وَسلم:”مَنْ حدَّث عني بِحَدِيث يُرى أَنه كذِب فَهُوَ أحد الْكَاذِبين”. قَالَ:وَلَا فرق فِي تَحْرِيم الْكَذِب عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين مَا كَانَ فِي الْأَحْكَام وَمَا لَا حكم فِيهِ كالترغيب والترهيب والمواعظ وَغير ذَلِك. وَكله حرَام من أكبر الْكَبَائِر وأقبح القبائح بِإِجْمَاع الْمُسلمين الَّذين يُعْتدُّ بهم فِي الإجماع…إلى أَن قَالَ:وَقد أجمع أهل الْحل وَالْعقد على تَحْرِيم الْكَذِب على آحَاد النَّاس ، فَكيف بِمَن قَوْلُهُ شرعٌ وَكَلَامُهُ وَحيٌ ، وَالْكذِب عَلَيْهِ كذِب على الله تَعَالَى ، قَالَ تَعَالَى:”وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى”(النجم-3؛4)…
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي مُقَدّمَة”كتاب الضُّعَفَاء والمتروكين”:توَعَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنَّار مَن كذب عَلَيْهِ بعد أمره بالتبليغ عَنهُ ، فَفِي ذَلِك دَلِيل على أَنه إنما أَمر أَن يُبلغ عَنهُ الصَّحِيح دون السقيم ، وَالْحق دون الْبَاطِل ، لَا أَن يُبلغ عَنهُ جَمِيع مَا رُوِيَ عَنهُ ، لِأَنَّهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:”كفى بِالْمَرْءِ إثما أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ” أخرجه مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة. فَمَنْ حدَّث بِجَمِيعِ مَا سمع من الْأَخْبَار المروية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُمَيّز بَين صحيحها وسقيمها وحقها من باطلها باء بالإثم وَخيف عَلَيْهِ أَن يدْخل فِي جملَة الْكَاذِبين على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحُكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مِنْهُم فِي قَوْله:”مَنْ روى عني حَدِيثا يُرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَاذِبين” فَظَاهر هَذَا الْخَبَر دَال على أَن كل مَنْ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا وَهُوَ شَاك فِيهِ أصحيح هُوَ أَو غير صَحِيح يكون كَأحد الْكَاذِبين لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:”مَنْ حدث عني حَدِيثا وَهُوَ يُرى أَنه كذب…” وَلم يقل:وَهُوَ يستيقن أَنه كذب.
وللتحرز من مثل ذَلِك كَانَ الْخُلَفَاء الراشدون وَالصَّحَابَة المنتخبون رضوَان الله عَلَيْهِم يَتَّقُونَ كَثْرَة الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويتشدَّدون فِي ذَلِك…
والكلام صالح أن يوجه إلى الأئمة والخطباء وكتاب المواضيع والمقالات الدينية ؛ وكذلك إلى الشباب وغيرهم – ممن لا علم لهم ولا دراية بعلم الحديث – الذين ينقلون من على صفحات الانترنت والمواقع والمنتديات ويتشاركون الأحاديث الموضوعة والقصص المكذوبة وما لا أصل له من الأباطيل والأعاجيب والغرائب ينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم جازمين! فيقولون:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم…! في حين أنه ما قال ذلك!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى