مقالات وتقارير

الطلاق العاطفي بين الزوجان

كتبت د غادة مصطفي

يوجد بمجتمعان الشرقي وجهان للطلاق و هم وجهان لعملة واحدة، أحداهما الطلاق الرسمي بالأوراق وشرع الله، و الثاني و هذا الذي أصبح يشيع في مجتمعنا الطلاق العاطفي، و هو يعني بقاء الزوجان معا في منزل واحد، كل منهم يقوم بواجبته، و لكنه في جسد ميت يتعايش بدون روح بدون أحساس مع الطرف الآخر في الزواج، يتجرع ويلات الحزن و الأحتراق الداخلي لأفتقاده لأجمل المعاني في الحياة و هي وجود من يحبه و يشاركه تفاصيل حياته و أهتماماته ليصبح كل منهم في أتجاه و يحدث الطلاق العاطفي

يذكر الباحث في بارونيات العمق أحمد عبد العاطي أنه في يوم من ايام عملي جائتني استشاره خاصه بالمكتب، وأثناء الجلسه قالت (يا ليتني تزوجت عن حب، فحياتي الزوجية الآن عبارة عن فراغ عاطفي قاتل، لا وجود للحب و الشغف فيها)..

ثم جائت استشاره اخرى بعدها مباشرة، وأثناء الجلسه نطقت بصوت مقهور تقول (يا ليتني لم أتزوج عن حب، فحياتي الزوجية الآن عبارة فراغ، كل ذاك الحب والغرام قد إختفى بعد زواجنا)..

هناك من كانوا قبل الزواج على علاقة، أحبوا بعضهم أولا، ثم تزوجوا لكن لم ينجح زواجهم، و هناك من تزوجوا عن طريق زواج الصالونات و لم ينجح الأمر كذلك..

هناك من إختاروا إما الطلاق مباشرة أو عيش حالة الطلاق الصامت..

ويعرف الطلاق العاطفي، بأنه حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض وفي إنعزال عاطفي شديد، مع الهجر في المحادثة وفقدان المودة والسكن النفسي، رغم وجودهما في منزل واحد، مع قيام الزوج بالحقوق الزوجية الأخرى كالنفقة وتأمين السكن بحيث يظهر للناس استقامة العلاقة الزوجية ولكن في الواقع هم على خلاف..

إذن، إنه ليس الحب قبل الزواج هو ما يجعل العلاقة تنجح وليس زواج الصالونات هو ما يجعل العلاقة تنجح كذلك، بل مبادئ أخرى و منها إلتقاء الأرواح والتعامل الحسن مع الطرف الآخر..
تستطيع التعرف على روحك الأخرى عن طريق الكلام، عندما يتحدث فهو تعزف أجمل سموفونيات الموسيقية في عقلك، ويعلن العالم السلام، بعد أن كانت ضجة كبيرة تقبع بداخلك..

‏مبدأ لا تتحدثوا كثيرا، ولا تتناقشوا فكثرت الكلام تجلب المشاكل، مع ضغط الأهل على الفتاة في تقليل مكالمتها مع خطيبها حتى يتزوجوا مخافة أن ينفصلوا أثناء الخطوبة، مبدئ يجعلني أقف حائر..
فلقد تم تحويل عجلة العيش لأجل الحب والزواج إلى (المهم يتزوجوا ونخلص، والبنت هتبقى عانس)..

إثنان لا يستطعان التفاهم أثناء الخطوبة كيف نتوقع منهم أن يتفاهموا بعد الزواج ويتفقوا على خططهم المستقبلية..

إن الأمر ليس في كثرت الكلام و المحادثات الطويلة، الأمر يعود الا إلتقاء الأرواح وأن يكون الآخر سكن للطرف الآخر..

‏بدون الحب كل الموسيقى ضجيج، وكل الرقص جنون، وكل العبادات عبئ..

منذ الحضارات الإغريقية إلى اليوم تم تقسيم الحب إلى سبعه أنواع إن وجدت في كلا الشريكين تنجح العلاقة..

1- حالة الحب الأولى…
(أيروس) ويعني حب الجسد..
الشكل الخارجي و الامور الجنسية و الحضن و
منها تخلق الرومانسية والغزل..

2- حاله الحب الثانيه…
(فيليا) وهو حب العقل، وطريقة تفكير الشخص، وأسلوبه، وفي هذا النوع من العلاقات يكون هناك إحترام شديد..

3- حاله الحب الثالثه…
(أجابي) وهو حب الروح، أي حب الشخص لكيانه الحقيقي هو كروح بعيدا عن الشكل الخارجي..

4- حاله الحب الرابعه…
(لودوس) وهو الغزل والمرح، التسلية، مع تناسي الشريكين للمسؤوليات وضغوطات الحياة..


5- حاله الحب الخامسه…
(ستورج) تعني حب الطفل، أن تحب المرأة الرجل كأنه إبنها، قليل منه جيد، لكن الكثير منه قد يبعد الطرف الاخر عنك، وقد يتحول الأمر إلى هوس و خنق للحرية أكثر منه عناية..

6- حاله الحب السادسه…
(براجما) أي حب العشرة، و يبنى بعد 25 سنة من الزواج، متين صلب لكنه يفتقد للرومانسية و الغزل، حب جامد، ينتج أكثر منه من زواج الصالونات..
الكثير منهم في فترة الزواج لا يحبون بعضهم أو تحبه حبا سطحيا فقط لأنها زوجها، لكن بعد أن يموت أو يغادر الطرف الآخر تحبه و تبكي عليه..

7- حاله الحب السابعه…
(فيلوتيا) حب الذات، نوع يعتمد على “الأنا” وتقبل الذات بكل المميزات والعيوب، فعند تقبل الذات يكون من السهل بناء علاقة عاطفية قوية..

لا يوجد حب يبنى على نوع واحد فقط من أنواع الحب، وإلا سيقع، و أي علاقه تملك خليط من هذه السبعه تكون علاقه ناجحه، ووقوع نوع واحد من هذه العلاقات يوقع الحب..

لهذا يعيش الكثير حالة الطلاق الصامت..

و للمقبلين على الحب أو يعانون من رهاب فيلافوبيا فإن الزواجات الفاشلة لا تعني شيئ..
وطالما انت ترى غير المناسبين فأنت لن تجذب سوى غير المناسبين..

لهذا كلما تفكر بالإرتباط بشخص تندهش بحمله لصفات تمقتها بشدة، أو تجربة فاشلة سابقة تتجدد فيه، كأن هذا قدرك قد حتم عليك..
لكن الزواج قدرك و أنت تختار من تتزوج، والله ليس بقاسي لكي يرزقك بشخص لا تريده..

كما أنك لا تجذب ما تريد و إنما ما أنت عليه الآن..
فعليك الإرتقاء في المستويات لتجذب ما انت عليه من رقي، و من لديه حالة إحتياج و عطش لن يصل لحالة الشبع أبدا، بل سيكون في عطش أكثر..

ركز على ذاتك و تطويرها وإمتلك أنت أولا مبادئ الحب السبعة من ثقافة، و تقبل ذات الآخر بعيوبها..
وسيأتيك الحب من حيث لا تدري، و ‏إنَ الإنسان يقوم بجذب من يماثله في الوعي والطاقة، وأي شريك ما هو إلا انعكاس لكِ..

فكل متوقع آتٍ فتوقع ما تتمنى..

لا أحد سيظهر على عتبة بابك مقدم الحب والاحترام، عليك أن تسعى للحب، كن في أماكن أين توجد فيها الصفات التي تبحث عنها في الطرف الآخر، إن أردته مفكر و ذو قضية كون في ندوات فكرية، إن أردته سياسي كبير و رجل أعمال له كلمة كون في دائرة رجال الاعمال..

من خلق الحب يؤمن به أكثر منك، و يرزقك به من حيث لا تحتسب و يرغفك منه ما تريد..

قد يؤخر الله الجميل فيجعله أجمل، وإجعل قصة حبك مثيرة للإهتمام فإن سألوك عنها من تكون تكتفي بالقول معجزة تمناها الكل لكنني رزقت أنا بها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى