مقالات وتقارير

الصديق – بقلم دكتــور سعد

الصديق

بقلم دكتــور سعد

ليس الأصدقاء بانتشارهم ؛ ولا بكثرتهم حولك إنما بنوعيتهم وبمن يأتيك دون أن تناديه ومن يربت على كتفك دون أن تخبره بأنك مثقل بالهموم والالام والأوجاع, فالصّداقة كالمظلّة كلما اشتدّ المطر زادت الحاجة لها وكالحلم والكيان الذي يسكن الوجدان, فلا تشارك غيورا ولا تسألن حسودا ولا تجاور جاهلاً ولا تؤاخ مرائياً ولا تصاحب بخيلاً ولا تستودع سرك أحداً, ولا تتفاخر بأنّه لديك أصدقاء بعدد شعر رأسك، فربما تكتشف عند الشدائد بأنك أصلع, فصديق واحد يتصف بتلك الصفات النبيلة خير من مائه من غيره ممن صداقتهم تتسم بصحبة الغفلة.

يعتقد معظمنا أن كثرة الأصدقاء شيء حسن ونافع بينما يطمح اخرين الى مزيد من الشعبية والشهرة على فيسبوك ؛فالصداقة ليست بطول السنين بل بصدق المواقف، فلا تطلق الصداقة على كل عابر طريق بحياتك حتى لا تقول يوما الاصدقاء يتغيرون ويتلونون ؛ فالصداقة جبل شاهق الا يستلقه الا الأوفياء ؛

ولقدقرأت كثراً فوجدت ؛ أن أولئك الذين يتمتعون بأعداد كبيرة من الأصدقاء على شبكات التواصل الاجتماعي يتعرضون لمخاطر الإصابة بأمراض نفسية؛ لانهم يجدون صعوبة في تحديد هويات كل هؤلاء الاشخاص مما يسبب اصابته بنوع من العقدة النفسية ؛ فتسير بنا الحياة في زمن متقلب لا يثبت على حال مرة نجد أنفسنا في غني ومرة في فقر؛ وتارة نجد أنفسنا في سعادة وهناء وأخرى نجدها في حزن وبؤس وألم ؛ فالحياة لا تدوم على حال فنلتقي بأناس بعضهم من يبقي ويثبت في حياتنا وأخرين يولون الأدبار؛ ولا يمكن أن نحكم على الصداقة الحقيقية الصادقة الا اذا بنيت على أسس قوية ثابتة عمادها الحب والاحترام والمودة والوفاء والحكمة والثقة المطلقة.

من الأمور المحزنة ؛أن تكتشف بعد فوات الأوان أن صديقاً لك استغلك استغلالا فجاً ليصل الي مبتغاه في الدنيا ؛ والأسوأ أن تتعامل معه بنفس الطيبة صافية نقية فتمسي تندب حظك العاثر بالتعرف على هذا الصديق المخادع ، وكما يقول جبران خليل جبران، “لا تطلق مسمى صديق على كل عابر يمر في حياتك، حتى لا تقول يوما: الأصدقاء يتغيرون” ؛ وعلى أي حال وصلنا اليه ونحن نشاهد يوميا حروب كلامية؟ كل ذلك جعلنا نؤمن بأن أصحاب العقول في راحة فعلا! ،وان نؤمن بحقيقة ان الانسان هو من يجعل نفسه مثل قطعة النقود بوجهين أمام الناس يقضي عمره كله متنقلا بين جيوب الناس,

الصداقة هي صداقة روح وفكر فلنحرص كل الحرص على انتقاء الروح قبل الجسد؛ فجمال الحياة يتجلى مع صديق يسبر غورك، ويفهم نظرتك، ويفرح لفرحك، ويواسي حزنك ؛ فالعبرة ليست في الكثرة إذن ابدا فالأصدقاء ليسوا تحفا تقتني في متاحف الصداقة والبراءة ؛ فكن انسانا صديقا صادقا تسعد وتسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى