أسرة ومجتمع

الزوج الصامت…….!!



محمد الشيخ خبير التنمية البشرية والمعالج بالتنويم الايحائى

عزيزي : أنا سيدة متزوجة منذ عشر سنوات، ولدي ثلاث بنات وأعيش مع زوجي حياة هادئة أساسها الحب والاحترام، لكن مشكلتي هي عدم قدرتي على فهم بعض تصرفات زوجي معي فهو من النوع الغامض الذي لا يبوح بما في داخله بسهولة، ولا يحب المواجهة والنقاش، فكلامه قليل، ولا يتحدث إلا رؤوس أقلام. ومع ذلك مشاكلي ولله الحمد معه محدودة. إنه يستخدم أسلوب واحد سواء هو غلطان أم لا، وهو عدم المواجهة أو النقاش والوقوف على أسباب المشكلة وإيجاد حل لها، وكان يلتزم الصمت في بداية زواجنا لعدد من الأيام، وكانت هذه الفترة تطول عندما أصبحت استخدم نفس أسلوبه وهو الصمت.
حدث بيننا حوار بخصوص الإجازة السنوية حيث رغبت أن يأخدها في فترة إجازتي لأنني موظفة حكومية، لكنه رفض كالمعتاد لأنه إنسان أيضا مغرم بعمله وعنده حماس كبير، وأنا أحب هذه الصفة فيه، لكن الإنسان كما تعلمون يحتاج إلى إجازة سنوية حتى يغير من روتين العمل.
وبعد كل الطرق والمحاولات لإقناعه بموضوع الإجازة، غضبت منه دون أن يفكر في إرضائي أو مناقشتي، وكانت ردوده واحدة «أنا ماراح آخذ إجازة مهما يصير»، وبعد ذلك حل الصمت بيننا مثل العادة، لكن هذه المرة طالت المدة، وفقدت صبري في انتظار رجوعه، وإرضائي ولو بأبسط الطرق، لكن دون جدوى. بعدها طلبت منه الذهاب إلى بيت أهلي حتى ترتاح أعصابي، إلا أنه رفض في البداية، ومع إصراري وافق على طلبي، المشكلة أنني أحتاج إلى «كتالوج» كي أتعامل به مع زوجي، غموضه وعدم حبه للمواجهة والنقاش وصمته القاتل بدأ يدمر حياتنا الجميلة.
هل أتعامل معه بعد ذلك بنفس أسلوبه وألتزم الصمت «التطنيش»؟ هذا الأسلوب يقتلني، بل ويسبب فتور وجفاف المشاعر الحلوة التي بداخلي نحوه. أحتاج إلى استشارتكم، لأنني استخدمت كل الأساليب حتى أغير أسلوبه لكن دون جدوى.
النصيحة والرد:
ألمس من رسالتك الحرص على الحفاظ على حياتك الزوجية وصفائها، وهذه ولله الحمد نعمة كبيرة يجب أن تشكري الله عليها وتحافظي عليها. إلا أنني أرى أنك تخطئين التصرف في ترك زوجك عندما تنتابه حالة الصمت ذلك، إن هذا الأمر يؤذي – كما ذكرت – لإطالة مدة الجفاء، وإن كنت تبحثين يبحث عن»كتالوج» لكيفية التعامل مع زوجك، فإني سأحاول أن أجتهد في تحليل نمط زوجك وكيف يمكن التواصل معه، لكنني أتوقع أن زوجك من ذوي الطبيعة الحساسة الهادئة، الذين يتميزون بقلة الكلام، وارتفاع المشاعر والأحاسيس لديهم، ومفتاح كسب أصحاب هذه الفئة هو التعامل معهم وفق ما يحبون ويرغبون، بالتواصل العاطفي المباشر معهم. فعندما ناقشتي معه مثلاً ـ موضوع الإجازة والسفر، فقد قمتي بإجراء حوار فكري معه، مبينة فوائد السفر والإجازة … إلخ،
واجتهدت في ذلك بشكل كبير حسب تصورك بأنها طريقة فاعلة للإقناع، وبالتالي لم تحصلي على النتيجة المطلوبة. ومن الأهمية أن تتعرفي على نيته الإيجابية التي من أجلها رفض السفر، ومن خلالها تستطيعين إقناعه من خلالها. ربما أنك تطلبين السفر دون تحديد، أو دون بحث وتدقيق، وبالتالي سيقع كل ذلك عليه، وربما يمثل ذلك هذا عبئاً عليه. أما إن كان المانع ماديا، بإمكانك أن تضعي الميزانية المتوقعة، وتناقشيها معه، وتقتصدين في كثير منها، وكيف تتعاونين معه في هذا الإطار، وعليك تجربة طريقة أخرى في التعامل مع زوجك، وحاولي أن تتقربي منه بشكل أكبر، وتكلمي معه بهدوء، وحاولي أن تستميلي وده وعواطفه، ولا تنتظري أن يكون القرار مباشرا، أو في تلك اللحظة، لأن أصحاب تلك الفئة من الناس مترددون في اتخاذ قراراتهم عادةً، وعليك أن تتعاملي معه بود وصبر، ودون إملاء للإرادة، واتركيه يفكر فيما تطلبين منه في هدوء.
قد يبدو الأمر صعبا في البداية، لكنه سيكون غير ذلك في المستقبل بإذن الله مادمت تحملين نوايا إيجابية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى