مقالات وتقارير

طعم البيوت


كتبت/ ساره جمال

بعد يوم عمل طويل ومنهك ووسط ضجيج وطوفان بشري في إشارات المرور ووجوه يعلوها الغضب والإرهاق وأعصاب تحترق تحت شمس قاسية الكل يحاول أن يجد لنفسه مكاناً أمنا يلوذ إليه  

وأول ما يجول في الذهن هو “البيت” ذلك الملاذ الآمن من إنهاكات الحياة .. ثم تأتي أغنية “محمد منير- طعم البيوت” عبر المذياع لتؤكد هذا …

جوه القلوب والذكريات ما يعيش غير طعم البيوت
جدران بتحضن جوه منها قلوب كتير
وأبواب بتقفل ع الجنايني و ع الوزير
أسرار كتير عدد البيوت
طعم الحاجات
اللمة لما تحلى في ساعة العصاري
وكل ركن في قلبه يحكيلك حكاية
وكفاية لما بتلاقيه فاتح دراعه بيناديك
ويقول تعالى في حضني دا إنت واحشني موت …

البيوت كالأوطان لأصحابها؛ الحضن الذي ليس له بديل .. بل وحتى مثيل، ترعرعنا بين جدرانها وبكنفها الآمن, فهي الملاذ الآمن الذي نزداد حنيناً ولهفةً وشوقاً لنعود إلى حضنها الدافئ لتغمرنا بعطفها الوافر إن أخذتنا الحياة أو صدتنا المشاغل أو أبعدتنا الظروف عنه.

نخرج منها لنعود إليها .. نبتعد عنها لنشتاق إليها .. ندرك قيمتها عندما نفقد القدرة على النوم بعيدا عن دفء أركانها؛ فالبيوت هي ركننا فى العالم.. كوننا الأول.. كون حقيقى بكل ما فى الكلمة من معنى.

شعور السلام الداخلي بين جدرانها الأربعة والاريكة المريحة .. ورنة الهاتف الأرضي ..وصوت الراديو صباحا .. فنجان الشاي بالنعناع ساعة العصاري. فمهما كان حجم اللذة والاستمتاع خارج أركان البيت؛ إلا أن شعورالطمأنينة الحقيقية يكمن بين زواياه وبين التفاصيل الروتينية الصغيرة اليومية السعيدة التي نعيشها به.

إن سر الدفء في البيوت هو الحب بين من يعيشون تحت سقفها، فالبيت ليس مجرد منزل أو مكان للسكن، بل هو مكان للسكينة والراحة, نهرع إليها طلباً للراحة والدفء والحب، ومهما كان حجم البيت أو تصميمه فلا يهم بقدر ما تهم العلاقات الإنسانية داخل أركانه وبين جدرانه؛ حيث إن العلاقات الإنسانية بين أفراد الأسرة هي التي تولد وتنشر الدفء بين أركان البيت وفي كل زواياه، وإذا غاب هذا الدفء والاهتمام بين أفراد الأسرة الواحدة تحوّل البيت إلى مكان بارد وبمثابة فندق لا أكثر.

البيوت ليست أسقف وحيطان وبيبان؛ البيوت هي دفا القلوب ولمة الأهل وونس الحديث؛ فدفء البيوت ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻗﻠﻮﺏ ﺳﺎﻛﻨﻴﻬﺎ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى