نحتاج الى النعمه العظيمه التى ندعوا الله عز وجل أن تدوم وهى نعمة الأمن والأمان ويجب علينا جميعا أن نعلم أن الأمن ضرورة للمجتمع ، لكل مجتمع من مجتمعات البشرية والأمن ضد الخوف وضد القلق وضد الانزعاج والترقب وهو ضرورة لكل مجتمع لأن به تتم المصالح وتستقيم المصالح وبفقده تضيع الحقوق وتضيع المصالح ويحدث القلق والخوف ، وتحدث الفوضى ويتسلط الظلمة على الناس ويحدث السلب والنهب وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض إلى غير ذلك ..
ومن مظاهر فقد الأمن للمجتمع فلا يأمن الإنسان على نفسه وهو في بيته ولا يأمن على أهله وحرمته لا يأمن على ماله لا يأمن وهو في الشارع ولا يأمن وهو في المسجد ولا يأمن وهو في مكتبه لا يأمن في أي مكان إذا زالت نعمة الأمن عن المجتمع ، وهناك من يحاولون إزاحة الأمن عن المجتمعات لأجل أن تكون الدنيا فوضى ..
ومن أعظم نعم الله التي يجب أن نذكرها ونُذكِّر بها هى نعمة الأمن والأمان فالأمن نعمة من الله عزوجل ما بعدها نعمة بل هي من أجل نعم الله علي بني خلقه لأن الإنسان إن لم يكن في أمن واستقرار وطمأنينة لا يهنأ بعيش ولا ينعم بحياة..
وهذه النعمة هي مطلب كٌلِ أمة ، وغاية كل دولة ، من أجلها جندت الجنود ، ورصدت الأموال ، وفي سبيلها قامت الصراعات والحروب ، إنها نعمة الأمن ، وما أدراكم ما نعمة الأمن التي كانت أولَ دعوةٍ لأبينا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حينما قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وارزق أهله من الثمرات) فقدّم إبراهيم نعمة الأمن ، على نعمة الطعام والغذاء ، لعظمها وخطر زوالها .
إن نعمة الأمن ، هي منة الله على هذه الأمة المباركة المرحومة ، وإن نعمة الأمن ، تشكل مع العافية والرزق ، الملكَ الحقيقيَ للدنيا ، فعن عبيد الله بن محصنٍ الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ” . رواه الترمذي .
إن البيوت والبلاد التي يفقد فيها الأمن صحراءٌ قاحلة ، وإن كانت ذاتِ جناتٍ وارفةِ الظلال.. وإن البلاد التي تنعم بالأمن تهدأ فيها النفوس وتطمئن فيها القلوب وإن كانت قاحلةً جرداء.
فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا ” رواه البخاري
ولقد دعي الإسلام لتحقيق الأمن ووقف بحزم تجاه هؤلاء الذين يروعون الآمنين ويخربون في الأرض فقال تعالي ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” سورة المائدة .
فالإسلام دين الأمن ولا يمكن أن يتحقق الأمن للناس إلا إذا أخذوا بتعاليم هذا الدين العظيم، فقد حرم قتل النفس، وسرقة المال وأكله بالباطل، وآذي الجار، فقال صلى الله عليه وسلم: “وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ” . قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَه” رواه البخاري ومسلم.
ويقول صلي الله عليه وسلم :” لا يحل لمسلم أن يروع مسلما” ، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “من أشار على أخيه بحديدة لعنته الملائكة ” رواه الترمذي ويقول أيضا ” من نظر إلى أخيه نظرةً يخيفه بها أخافه الله يوم القيامة “ رواه البيهقي
وقوله:”من حمل علينا السلاح فليس منا ” رواه البخاري ومسلم.وقوله: ” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ، ولا يحقره ، التقوى هاهنا ، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه“ ..
ولعن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم من أشار بالسلاح لأخيه المسلم، وحرم علينا الجنة حتى نؤمن ويحب بعضنا بعضاً، وأخبر بأن ذلك يتحقق بإفشاء السلام الذي يأمن الناس معه، وهو من شعائر الإسلام العظيمة، وقال: “الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”
رواه البخاري ومسلم .
إن الأمن الذي نعيشه و نتفيؤ ظلاله ، إنما هو منحة ربانية ، ومنة إلهية ، مربوطة بأسبابها ومقوماتها ، والتي من أعظمها ، إقامة شرع الله ، وتنفيذ حدوده ، وتحقيق عقيدة التوحيد ومناصرتها والدعوة إليها ، ولا بد أن ندرك أن نعمة الأمن لا توجد إلا بوجود مقوماتها ، ولا تدوم إلا بدوام أسبابها ، والتي من أعظمها توحيد الله والإيمان به .
وحتى نحافظ على الأمن في البلاد ، فلا بد من تربية الأمة على طاعة الله والاستقامة على شرعه والبعد عن معصيته ، وإن النفوس المطيعة لا تحتاج إلى رقابة القانون وسلطة الدولة لكي تردعها عن الجرائم ، لأن رقابة الله والوازع الإيماني في قلب المؤمن يقظ لا يغادره في جميع الأحوال ، ومما يدل على أهميته قول نبينا صلى الله عليه وسلم: ” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ” رواه الترمذي .
وإنّ نعمة الأمن أعظم من جميع نعم الله عز وجل وتقدم عليها ، حيث ذكر الله عزوجل الأمن علي لسان خليل الله إبراهيم في القرآن الكريم أكثر من مرة يقدمه علي الرزق فيقول تعالي: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ” وذلك لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتبَّ ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن.
ولأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن ، فمن من الناس أحاط به الخوف من كل مكان، وتبدد الأمن من حياته ثم وجد لذة بمشروب أو مطعوم؟! وتقديم المولي عز وجل نعمة الأمن علي لسان خليل الله إبراهيم في دعائه علي غيرها من النعم لأنها أعظم أنواع النعم ولأنها إذا فقدها الإنسان اضطرب فكره وصعب عليه أن يتفرغ لأمور الدين أو الدنيا بنفس مطمئنة ، وبقلب خال من المنغصات المزعجات .
وأيضاَ قدم طلب الأمن للبقعة التي وضع فيها هاجر وإسماعيل قبل طلب الرزق ,لأن الأمن مقدم علي الرزق ,وظلت مكة تنعم بالأمن ببركة دعوة الخليل حتي جاءها رسولنا صلي الله عليه وسلم وهم علي شركهم ، والله يؤمنهم ، ولما دعاهم الرسول إلي الإسلام خافوا من إتباعه أن يفقدوا هذا الأمن ، فعاب الله سبحانه عليهم ذلك كيف يؤمنهم وهم علي شركهم ولا يؤمنهم إذا اتبعوا الرسول صلي الله عليه وسلم :”وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ” سورة القصص .
إن الأمن الوطني لا يتحقق إلا بوجود الأمن الفكري بحماية الأجيال الناشئة وشباب الأمة وتحصين أفكارهم من التيارات المشبوهة التي تسمم العقول وتحرف السلوك من دعوات التغريب ودعايات الفساد والإفساد ، وإن من الحكمة الواجبة ، أن نتجنب العاطفة الهوجاء ، وردود الأفعال المتهورة، متسلحين بالعلم والحلم والصبر، مشتغلين ببناء النفس ودعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن لا نقحم أنفسنا في أمور لا تحمد عقباها ، ولا تعلم شرعيتها وجدواها ، ولا بد أن يحذر الشاب الغيور من تعجل الأمور، أو الحكم على المواقف والأحداث دون الفهم الجيد للأمور والنظره المستقبليه التى تقد تحدث من خلال ذلك التهور .