مقالات وتقارير

كُلنا فاسدون ولا أستثني أحدً

كتب/ خالد عاشور

_ يعبر العنوان عن المرافعة الرائعه للفنان الراحل أحمد زكي في فيلم ( ضد الحكومة) ، وكأنه يعبر عن حالنا الآن وعن مصابنا الأخير في حادث إنفجار جرار قطار بمحطة مصر ، ولا يسعني القول إلا أن أبتدئ المقال بكلام الفنان الرائع :
_ إن هذه جريمة كبرى ولابد أن يُحاسب من تسبب فيها ، إنني لا أطلب سوى محاسبة المسئولين الحقيقيين لقتل هؤلاء الضحايا أبناء هذا الشعب المطحون ، أبناء العجز والإهمال والتردي.
_ كُلُنَا فاسدون ولا أستثني أحدًا ، حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة .
_ ما أطالب به أن نُصلي جميعاً صلاةً واحدةً لإلهٍ واحدٍ ، إله العدل الواحد الأحد القهار ، ليست لدي مصلحة خاصة مع أحد أو ضد أحد بشكل مسبق ، ولكن أطالب بالمسئولين الحقيقيين عن هذه الكارثة للمثول أمام العدالة لسؤالهم واستجوابهم ومحاسبتهم فهل هذا كثير؟
_ في مصر المحروسة ما يحدث من كوارث وأزمات في السكة الحديد لهو مؤشر لكل ما يحدث في مصر اليوم، وهو بحق معيار حال مصر الحديثة ، فقد أُنشئت السكة الحديد بمصر في منتصف القرن التاسع عشر فى عام 1856على يد روبرت ستيفنسن، مهندس إنجليزي وهو ابن مخترع القاطرة البخارية المهندس جورج ستيفنسن وكان في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني وكان ترتيبها الثاني على العالم بعد انجلترا وكانت أحد أكثر شبكات النقل كفاءة في مصر ، و مثلما بنى مصر الحديثة محمد علي وبنى القاهرة الحديثة الخديوي إسماعيل ، وقد أنتهى بهذا المرفق المطاف كما ينتهي بكل ما هو متبق من مظاهر الحداثة والنهضة في مصر ، إلى مظاهر الإهمال والقبح وسوء الإدارة، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن، أنه قانون الفوضى، كأن البلد ليس بها إدارة وإنما متروكة لعوامل تعرية الزمن، تجريف للعقول والقلوب والنفوس والحضارة.
_يعزو البعض سبب ما نحن فيه إلى إهمال الإستثمار في البشر وتدمير التعليم بمصر وذلك كان الضمانة الوحيدة للسلامة والأمان والتقدم والازدهار.
_ ويقول البعض إنها أزمة إدارة ، فسوء الإدارة وتفشي الفساد والمحسوبية وتوسيد الأمر لغير أهله ومحاباة من ينافق ويتكلم جيدًا وليس من يخلص ويعمل جيدًا ، و اضرب مثال بما قاله سيدنا عمر بن الخطاب وخوفه من العقاب إذا تعثرت دابه في العراق ، لأنه لم يمهد لها الطريق وهو الذى يعيش بالمدينة المنورة ، فنجد من يتنصل من المسئولية ويريد إلقائها على غيره ، رغم أنه كان يعلم مدى التقصير والإهمال والفساد القائم في مؤسسته.
_ كعادة المصريين الآن الإنقسام في كل موقف أو مشكلة رئيسية تمس الوطن والمواطن فالبعض مع استقالة الوزير ومسئولية التضامنية والبعض يرى أنه لا يستحق أن يتحمل المشكلة لوحده لفشل المنظومة منذ عقود ، والبعض يخرج علينا بأسباب وأسباب فيقول أحدهم : متسائلا ً أين الأمن الصناعي الذي لو توفر في المحطة بمجرد رؤية الدخان يتم اتخاذ اللازم فورًا وما كان القطار انفجر وعدم توفر الأمن الصناعي وعدم متابعة الموظفين ووجود نظام لمعالجة المشاكل وإدارة الأزمات مسؤلية من ، دعنا نكن منصفين لو كلٌ منا بدأ بنفسه سنكتشف مدى التقصير المتراكم منذ عقود ، فهل يُعقل ونحن في عام 2019 ولا تُوجد منظومة متكاملة لإطفاء الحرائق في مرفق هام كهذا ومازلنا نستخدم الجرادل في الإطفاء .
_وهل يُعقل ما تناقله البعض من وجود شجار بين سائق القطار الذي انفجر و زميل له لأسباب واهيه فوقعت الكارثة لأنه ترك القطار يعمل وهو يدري أنه ليس به وسائل أمان ، كما يردد البعض بأن سائق القطار الذى ظهر مع الإعلامي وائل الإبراشي ورد فعله الغريب وبروده المتناهي يؤكد بأنه ليس سائق القطار الحقيقي وأن شجاره مع زميله حدث بعد الإنفجار وليس قبله وأن الأمر به شبهه جنائية وتعمد ويقف خلفه جهه معينة ، أيًا كانت الأسباب فنحن حيال كارثة متجددة تحدث وستحدث كل فترة وهي تعبر بحق عما يدور ببلدنا من سوء إدارة وفساد وإهمال والضحية هي الشعب المصري الذي يتحمل بسطاؤة الخطايا والأوزار التي يقع فيها الكبار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى