مقالات وتقارير

قصة قصيرة موت شمس الحب

قصة قصيرة.. موت شمس الحب
بقلم..أ.أيمن حسين السعيد…سورية
أنا معلم سابق محارب سابق أب سابق عاشق سابق أنا السابق الماضي الذي لازال قلبه يتفجر بالعشق وتتشظى من قلبه عوالم عشق لم تولد بعد.أيمن السعيد. سورية
نار حبه لها كانت ولاتزال سريعة اللهب، لازال هذا اللهب قويا في جذوته طراوة عشقه لها، لم يمت رغم التفريق، ما درى أنها كانت تتلهى بلهب حبه إلا عندما فارقها، خمس وعشرون سنة قايضتها بخمس ثوان بكلمة واحدة لن أعود إليك.
يتخطى الآونة العارضة ، يستجمع كليته بالمطلق، يستعيد ذاكرته بعد أن صفت ذاكرته من عكر حضورها الذي كان يعتبره يوم كان معها مياه زمزم الأنقى، فمن خلال معاشرته لها دائما كانت تطلب منه الأصعب، لأنها عرفت نقاؤه، فلاح له الآتي من الحاضر، وتحمل بجلد كافة متطلباتها التي تنوء الجبال عن حملها، لأنها متطلبات فوق إمكانياته واستطاعته، ومع ذلك تجلد وعمل بكافة الأعمال وقدم جل التضحيات، في سبيل تحقيق مطالبها حيث كان حبها يهون عليه المشاق والصعاب التي كان يكابدها، مستبشرا بابتسامة منها فيثبت لديه سمت عقله في عز وهج الجفاء منها.
أتراها بعد أن تفرقا ، هل أدركت الآن كل ماصنع لأجلها، ولكنه بينه وبين نفسه يقول:
-لابد من مجيء يوم تعرف فيه تلك الجاحدة ماقدم لها ولأولاده ولأهلها من تضحيات فقد قطع أشواطا ضوئية، في سبيل تلبية طموحاتها وطموحات من حولها النرجسية بدون أي تقدير لتلك التضحيات.
الآن بلغت ووصلت إلى أهدافها وطموحاتها وتزرع وأهلها في نفوس أولاده أن الفضل فيما وصلوا إليه بسبب وتضحياتها هي وأن والدهم لافضل له…كم هو مسكين هذا الذي توله في عشق جاحدة حاقدة …يقول…بينه وبين نفسه….الله موجود…الله يعرف….والله لن يبخس حقي الذي ينكرونه.
فجسده ووجهه يشهدان كيف تفرغ في أجسادهم ووجوههم،
وكيف أن ضميره الذي أزهر لهم قد أزهرت ابتساماتهم……… مشرقة بفضل تضحياته، فزمانهم متألق الآن بفضل تلك التضحيات التي تنكرها وأهلها ولا يعيها أولاده.
يختصر هذا الساذج حياته في ملمحين، لحظاته المعقدة من نرجسية حبيبة معقدة اختصرت قسماته وتدرجت مأساته من أول الهوى لها إلى حيث البوح به ومن ثم الزواج بها ومرارة العيش معها ومن ثم التخلص منها.
كلها مآس كانت تتكامل كلما استعمقت الهوة بين توقه لها والمحال منها حيث توترات حياته معها صراعا دائما بسبب تنافر الطباع، فتوسعت أبعاد غصصه حتى يصل حد التمزق من صراعه النفسي الداخلي بسبب خروج الأنا منها فأحالت حياته الى جحيم لا يطاق فحلجلة فانحلال للاحترام في نهاية معاشرته لها.
قبل التفريق اتخذ من البعد عنها في المكان، حلا لمعاودة أستمرارية حياتهما، ولكن هذا البعد أزال عنه ضباب حقيقتها، هو الذي نبه براءته الأولى للخروج من مكامنها، حيث اتضح له أن حياته التي يعيشها معها لا تكتسي بحبها الحق له سواء ابتعد أم اقترب منها فالأمر عندها سيان لا اهتمام لا أكتراث لا وجود له في قلبها.
كيف يستطيع خلق حبه في قلبها!؟ كيف يستولده طريا فيه من الحنان ما يعوضه عن جفائها المقيت.
يعتصر في قلبه العديد من المآسي والمواقف والصور والكلمات منها ومن أهلها الحاقدين عليه وعلى أهله وجميع أقاربه،عرف من خلالها واقعه وحقيقته تماما وماهو بالنسبة لها.
فقد كانت مشكلة عمره مأساة عالمه، وهو الذي عاش خلال عهده الأولي عهد الطفولة وصفاء الصبا، ففيه البكارة والفطرة والرجولة والنخوة والطيبة النقية على عكسها وأهلها تماما، فقد ضيعت بدهائها وخبثها ومكرها زمنه الذي عايشه فآلت فطرته إلى الأفول.
هذه الفطرة في صميمه هي نغم هوسه، ومنبع فرحه، وهي سبيله إلى مصالحته مع الحياة، هي بالنسبة له لون الرجاء، هذه الطفولة وبدايات حياته البكر، يغسل بها عالمه وماعلق به به من مآس وأوساخ قد علقت بتلابيبه، يحاول تجديد قيامته، ولكن انحلال الفطرة في نفوس البشر من حوله وفي حياته الواقعية وتعفن تلك النفوس اللزج الذي فكك أصالتها ضرب ذاته باليأس، عندما رأى البشر من حوله وخستهم وجحودهم ودناءتهم وكيف أن صفوة القيم لديهم قد هوت، فبات يشتهي الموت فهذه الحياة بالنسبة له أصعب وأقسى وأشد مرارة من الموت.
يسأل نفسه هل الحق في هذا على والدتي رحمها الله هل الحق عليه، هل تربيته لاتنفع لزمنه، هل هو المخطيء وجميع البشر مصيبون في طريقة عيشهم اللأخلاقية…ثم كيف لفطرتي البتول النقية أن تواجه هذا العالم البشع المتحلل من الحب المنكسر بقشعريرة الرعب وكابوس العبث وأن يسرق حتى الكحل من عينك حتى وإن كان لا يحتاجه، يستفيق غاضبا وتأخذه شهوة الرفض حتى أعياه الغضب يأسا والرفض مرثيته والنفخ في روح عالم ميت لا يرجى له قيامة ويراه أمامه كيف يتساقط ويتهاوى إلى أسوأ وأسوأ فالباطل محتوم عليه السقوط والتهاوي.
في خريف عمره الآن أصبح ينتظر الموت أن يزوره مبكرا، بعد أن يأس من معجزات الله فلا حب من أحبهم سيأتيه ولا المحبة بين البشر تلوح شمسها…يضحك…ساخرا
-ربما شمس الحب شمس المحبة…ماتت..وهي الأخرى لا روح فيها ولن تشرق..أبدا…حالها ….حال باطل البشر الذين مات الحق والفطرة النقية في قلوبهم.
بقلمي..أ.أيمن حسين السعيد…..سورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى